جوزيف ما كان راغبا بهذا الرحيل

منذ يفاعته حمل البندقية متأثرا بأبيه القائد الانصاري الشجاع توما توماس... خاض غمار الكفاح المسلح بعناد شاب يكره الظلم مثلما كان يحمل بروحه تفاصيل حلم جميل نمى بمخيلته ضمن اجواء عائلة انزرع في روحها النضال الثوري وفي مدينة عرفها العراقيون قلعة في التصدي لكل هجمات الحكومات المتعاقبة
وبعد ان تعرض حزبنا الشيوعي العراقي الى تصفية سياسية وجسدية التحق الرفيق جوزيف مع والده الشجاع بالحركة الانصارية في نوزنك لينتقل بعد ذلك بعام الى قاعدة اراس في (گلي كوماته) بهدينان ويستمر هناك الى ان تعرض الى انفجار لغم فقد على اثره قدمه الايسر
كل السنوات التي مرت كانت صور الانصار لا تفارق روحه الى ان تمكنت منه امراض عديدة ليفارقنا صباح اليوم في منفاه الاجباري
السلام لروحك ايها الرفيق النصير
ومواساتنا للرفاق منى وماريا وحكمت وصلاح وسردار
اللجنة التنفيذية
لرابطة الانصار الشيوعيين العراقيين
اربيل 10اب 2020

 

تعزية

الرفيقة العزيزة منى توما توماس (ام سيفان)، الرفيقة العزيزة ماريا توما توماس والرفيق العزيز (ابو سيفان)، تلقينا اليوم بحزن شديد نبأ رحيل الرفيق والنصير جوزيف توما توماس (جميل) في ولاية مشيغان الامريكية، وبهذه المناسبة الأليمة نتقدم لكم والى جميع ابناء عائلتكم المناضلة التي قدمت الكثير من التضحيات من اجل شعبنا وبلدنا، بأحر التعازي القلبية واصدق مشاعر المواساة والتضامن الرفاقي متمنين لكم الصبر والسلوان وان تكون هذه الفاجعة خاتمة الاحزان، لفقيدنا الغالي جوزيف الرحمة والذكر الطيب دائما.

10 / 6 / 2020

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدنمارك

 

جوزيف توما توماس( جميل )/ مؤيد بهنام ابو نسرين

امس انطفاءت نجمة انصارية أخرى. توقف القلب الطيب المرح لجوزيف ( جميل ) عن الخفقان حين تكالبت عليه الأمراض من كل حدب وصوب فاثقلت روحه...

تعرفت على جميل في فصيل الحماية في مقر قاطع بهدينان زيوة لربما نهاية عام ١٩٨٣ او ربيع عام ١٩٨٤. وجوزيف، كما نعرف، هو شبل القائد الشيوعي الراحل توما توماس، وشقيق رفيقتي منى، الرفيقة العذبة كماء نبع، والصلبة كحجر الصوان، التي عاشت معنا سنين العمل الأنصاري بحلوها ومرها في مقر زيوة.

في فصيل الحماية توثقت العلاقة بيننا، أنا وجميل( جوزيف ) إلى حد بعيد.

كان جميل انسان بسيط بساطة العشب والهواء، ذو روحية مرحة فيها الكثير من الدعابة والمزح البريء. لكن جميل كان صادقا إلى أقصى حد في شيوعيته وفي اندفاعه للعمل الأنصاري الذي عمل به منذ نعومة أظفاره. اذا كان يعمل مراسلا حزبيا معرضا حياته في أحيان ليس قليلة لمخاطر جمة.

وكان يحب أن يحبك المقالب لبعض الرفاق أو يساهم في حبكها.

كنت في مقر الفوج الثالث، لا اتذكر السنة بالضبط للاسف ولكني أستطيع تخمينها بحدود عام ١٩٨٧، عندما وصلنا الخبر المحزن " لقد انفجر لغم أرضي تحت قدم الرفيق جميل " . كان الوقت مساء والرفاق يتهيأون لتناول وجبة العشاء. لكننا جميعا كنا ننتظر وصول الرفاق مع جميل المصاب بقدمه... بعد أكثر من نصف ساعة جاءت المفرزة وكان جميل محمولا على بغل وقد بترت قدمه وتدلت بقايا اللحم والجلد ونزيف الدم كان متواصلا. لا انسى أبدا تماسكه الشديد وهو في تلك الحالة الحرجة والمؤلمة. تطلع فينا ثم خاطب الجميع برباطة جأش يحسد عليها:

- رفاق ليش مدا تتعشون !

كان والده الرفيق توما توماس موجود بيننا في مقر الفوج الثالث حينذاك ولم يكن أقل تماسكا من ولده جميل. غير أن نظرات الحزن والأسى في عيني الرفيق، الوالد، ابو جوزيف كان من الصعب اخفائها في تلك اللحظات الثقيلة المحزنة.

بحلول فصل الربيع كان جميل يخرج الدوشك وأغطية النوم ويترك النوم في داخل قاعة الفصيل. ينام في الطارمة الصغيرة المسقفة خارج القاعة. وفيها قام بواحدة من أكبر مزحاته. ففي إحدى الصباحات الباكرة جاء الحرس الأخير ليدعوه للنهوض الصباحي، لكن جميل لم يحرك ساكننا وكأنه جثة هامدة. فما كان من الحرس الأخير ألا أن يكرر المحاولة عدة مرات لكن جميل بقي هامدا بجسده الضخم ومقطوع النفس. آنذاك بدأ الرفيق الحرس الأخير يرطن بكلمات تعبر عن قلقه ومخاوفه العميقة ثم بدأ صوته يعلو رويدا رويدا. وبعد نفاذ صبره أخذ يصرخ " رفيق أبو جميل،،،، هذا جميل ما ادري اشصاير بي ما دا يكعد ".

عندها خرج أبو جميل من غرفته مستفسرا عما يحدث، وإذ بجميل ينفجر فجأة بضحكة عالية ومتواصلة وسط دهشة الرفيق الحرس الذي ترك المكان وهو يطلق عبارات غضب شديدة.

قبل كتابة هذا النعي كنت اتحدث مع العزيزة منى مستفسرا عن الخبر الصاعق ومعزيا. قالت أن جميل عاد إلى البيت من المستشفى بعد عملية استئصال لدمل كبير في أذنه وخلد للنوم. وبعد ساعات حاولت زوجته إيقاظه لكنه لم يفق. وظنت زوجته أنه كعادته يقوم بممازحتها، فقد فعل ذلك معها أيضا مرات عديدة.

لكنه لم يستيقظ هذه المرة.... لم تكن هذه المرة مزحة على الاطلاق ...

او لربما كانت مزحته الأخيرة...

رفيقنا جميل لروحك المرحة، النقية والبسيطة السكون والسلام الأبدي...

 

جوزيف...الوارث للشجاعة الباسلة  / ئاشتي

رحل جوزيف!!

أيٌ حزن يمدُ أذرعه إلى خلجات الروح؟

وأيٌ آهة يتكسرُ زفيرها في الصدر لتبدو حسرة متكلسة؟

رحل جوزيف!!

قد تتصور أن بعض البشر عصيون على الرحيل، أو ربما لا يتوارد في الذهن رحيلهم، وخاصة من رفاقك الأنصار الذين عشت حياتك بينهم، وتعرفت على كل سجاياهم، وما أكثرهم وجوزيف احدهم.

في تموز عام 1980 وصل إلى قاعدتنا الأنصارية الرفاق أبو جوزيف، أبو يوسف، وجوزيف (كان اسمه الأنصاري (جميل)، وأبو جوزيف (أبو جميل)

جئنا نسلم عليهم، سيما وهم قيادة قاعدتنا الأنصارية في كوماته،

رأينا شخصا ممتلئا بالحيوية ووجه يقطر دما ورديا، يقطع لحم ذبيحة بهمة ونشاط، صافحنا برسغ يده، وقال أنا جميل، ولم تخلو دقائقنا تلك من مزاح الشهيد ( أبو كريم) وهو يقارن بين حمرة وجه جميل وأبو جميل.

الذين عاصروا جميل من الرفاق الأنصار بعد منتصف 1965، كانوا يروون لنا قصصا عن شجاعة جميل، لهذا كان هو الحماية الملازمة للرفيق أبو جميل،

أنتقل جميل إلى أكثر من سرية وهو يحمل على ظهره حقيبة أدوية يقدمها للمرضى من القرويين،

في عام 1986 من عصر احد أيام نيسان، كنا مجموعة من الرفاق في موقع الدوشكا التابع الى الفوج الثالث في (كلي هه سب)

كانت الساعة تقارب الخامسة عصرا، سمعنا صوت انفجار لا يبعد كثيرا عن موقعنا، نزلنا راكضين، كان جميل جالسا على الأرض وقدمه اليسرى تتدلى، طلبنا منه أن يركب على البغل كان مصابا بالدوار، طلبت منه أن يتنفس من فمه بقوة،

حين اقتربنا من بداية الوادي، قال لي (أرجوك لا أريد أن نمر قرب بيوت غوائل رفاقنا، حتى لا تراني النساء)

من مكان الحادث حتى وصولنا إلى طبابة مقر الفوج، ما سمعته تآوه...ربما كان يتذكر والده الشجاع الباسل أبو جوزيف...لهذ خشي أن تخدش تك الشجاعة...فهو الوارث لها.