أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، عن النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب العراقي 2025، والتي لم تحقق فيها القوى المدنية والوطنية الديمقراطية، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي، الفوز ببعض المقاعد البرلمانية.

ان العوامل الموضوعية، وفي مقدمتها أنفاق المال السياسي، واستخدام موارد الدولة ونفوذها، وتأجيج المخاوف والمشاعر الطائفية، واستغلال مصاعب الناس بشراء اصواتهم بطريقة علنية وأمام المراكز الانتخابية، وقانون الانتخابات الذي جاء مفصلا لاعادة انتاج السلطة، بالاضافة الى غياب تطبيق قانون الأحزاب، خاصة ما يتعلق بالقوى التي تمتلك أذرعاً مسلحة، كل ذلك اثر بشكل مباشر وواضح على نتائج الانتخابات، ووضع عدالة المنافسة ونزاهتها في خانة الشكوك.

ان محاولة استبعاد القوى المدنية، واضعاف قدرتها على المنافسة من قبل اصحاب السلطة والمال والسلاح، يشكل سابقة خطيرة في العمل السياسي والبرلماني، لانها تؤسس لهيمنة القوى الطائفية والجهوية على حكم العراق، وتجعله اسيرا للفساد والفاسدين.

في هذا المجال، لابد من الاشارة الى حالة الاحباط وخيبة الامل، التي يشعر بها الناس ازاء القوى التي تسلطت على البلد منذ عام 2003، وازاء ممثلي القوى المدنية التي فازت بالانتخابات السابقة وتم شراء بعضها او اسكاتها من قبل القوى المتنفذة، ادت الى موجة عزوف واسعة عن المشاركة في الانتخابات، وهذا بالتاكيد اسهم في انخفاظ اعداد المصوتين للمدنيين والشيوعيين.

اما ما يخص القوى المدنية والوطنية الديمقراطية ذاتها، فانها خاضت السباق الانتخابي بتشكيلات عدة، اي ثلاثة قوائم انتخابية تتنافس في مناطق جغرافية صغيرة وجمهور محدود، ما أدى إلى بعثرة تاثيرها وتبديد أصوات مؤيديها، وتجريدها من قدرتها على الوصول الى اوسع الشرائح الشعبية ببرنامج واضح ومفهوم.

انتهت انتخابات 2025، وما على قوى الشعب المخلصة من وطنيين وشيوعيين، الا الوقوف بشكل جاد وحقيقي، لتقييمها واستلهام دروسها، وذلك في مراجعة انماط عملها وادوات انشطتها وطريقة  بناء تحالفاتها، واعادة النظر في خطابها. كما عليها، ومن اليوم، ان تؤسس لجبهة معارضة قوية، راسخة الوعي، قادرة على الثبات والمواجهة، معبرة ببرامج واضحة عن مصالح الناس، وعما يدعم استقرار العراق، وينهض باقتصاده ويساوي بين ابناءه.

ان القوي الوطنية الديمقراطية ذات التاريخ النضالي المعروف، لن تثنيها خسارة الانتخابات عن مواصلة النضال من اجل التغيير الشامل واقامة دولة العدالة الاجتماعية والديمقراطية، اذا ما احسنت تنظيم نفسها، وادركت حجم امكانياتها، وفهمت مصالح شعبها.

النصير الشيوعي العدد 41 السنة الرابعة كانون الاول 2025