الحركة الانصارية، كحركة مُسلحة، ينطبق عليها، في بعض الظروف ، ما ينطبق على الوحدات العسكرية. وعلى سبيل المثال، فأن الوحدات المتقدمة ليس لديها وقت فراغ بينما الوحدات الخلفية لديها بعض الفراغ وقليل من توتر الاعصاب. وفصيلا المكتب العسكري والاعلام ينطبق عليهما ما ينطبق على الوحدات الخلفية. وعليه تجد بعض الرفاق يقتلون بعض وقت فراغهم بالانفراد بأنفسهم كأن يلعبون الورق او الشطرنج او الزار أو غير ذلك.
ولقد احتفظت عدسة ذاكرتي ببعض الصور لهولاء الرفاق وهم يمارسون قتل الوقت، حيث جلب انتباهي الرفيق ابو سليم حين يلعب ورق "نابليون" ، وربما يستغرق ذلك النهار كله!. والرفيق ابو فاروق يخشى من كثرة الاملاح في الماء، لذلك يحتفظ بغلاية " كيتلي" يغلي فيه الماء ويستخدمه لنفسه. وهو لاعب شطرنج جيد. والرفيق ابو عامل لا تراه الا اثناء وجبات الطعام او التمشي على سطح الغرف. والرفيق رحيم عجينة ليس لديه وقت فراغ، فقد كرس حياته للمحاضرات السياسية. والرفيق ابو حاتم مسؤول "الفروشكا" بلا منازع . والرفيق ابو تانيا ممكن القول انه "عريف اعاشة" اضافة الى مربي دواجن ممتاز. الشهيد الرفيق مام علي مسؤول التموين وكان يقوم بمهمته بمسؤولية عالية ونشاط لا ينقطع. ويتمتع بصوت جميل رغم مسحة الحزن فيه ويرافقه على الدف الرفيق امير. وهنا يجب ان اذكر ان الشهيد مام علي من الشيوعيين الايرانيين الذي فضل ان يبقى معنا ولم يترك الجبل. وقد ساعده حزبنا بزيارة عائلته بعد انقطاع طويل عنهم. واستشهد بعد رجوعه الى بيربنان بقنبلة سقطت تماماً امام مخزن التموين.
الرفيق الراحل ابو انيس المتعدد المواهب عمل طبلة من جذع شجرة بعد ان حفر داخلها بالسكين بكل تأني وصبر، كما عمل قطع شطرنج من الخشب. الرفيق ابو عبيس عمل لنا تنور بعد ان تخلص من الرمل الممزوج مع الطين. والرفيق خالد عرب ينتهز وقت فراغه بالعناية بقدميه ببرد ما يُتلف منها بسبب كثرة المشي. والرفيق عبوسي كان يقتل وقت فراغه بفتح الساعات اليدوية لكي يتعلم كيفية تصليحها وقت الحاجة. والرفيق الراحل ابو اصطيف كان يطور امكانياته لغناء المقام العراقي. والرفيق فوقي حقق حلمه بأنه اصبح اول طبيب عيون في حركة الانصار. والرفيق رمزي ركز على تطوير امكانياته البغلية حيث تمكن من ربط الكرتان على ظهر البغل بشكل جيد لا يقل عن الرفاق الاكراد، وكذلك اصبح خبازاً ماهراً بعد الدروس التي اخذها من ر. ابو عبيس.
الرفيق ابو مكسيم فهو دوماً على رأس المفارز الطويلة، وهو سيد زراعة الطماطة واخواتها. والرفيق ابو حمدان كان يتحمس بلعب الشطرنج مع الرفيقين خابور ورمزي. اما الرفيق علاء فكان مغرماً بإعطاء كل بغل اسم ، وكانت التسميات ويا للدهشة، تتطابق مع واقع البغال. الرفيق الوحيد الذي كان يقتل وقت فراغه بالعمل الفكري، كما صرح هو نفسه، هو علي مالية، والرفيق ابو قيس يُسبح بمسبحته بين فقرة واخرى اثناء كتابة المقالات، وكأنه يستلهم منها العون.
اما الرفيق الراحل ابو شاكر فكانت "سوالفه" لا تنقطع، واتذكر انه سأل يوماً: اذا كان البغل نتيجة زواج الحمار والفرس ، فما نتيجة زواج الخروف من الماعز؟ وهو لا ينتظر جواب من احد.
الرحمة والمغفرة لمن رحل عنا والصحة والعافية للذين ما زالوا على قيد الحياة.