تنطلق هذه الأيام في ضواحي باريس الغربية، احتفالات مهرجان صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي (لومانيتيه)(1) الذي يقام سنوياً بدعم منظمات الحزب الشيوعي الفرنسي ومعظم الاتحادات والمنظمات الديمقراطية والإنسانية والصحف اليسارية في العالم، منها الصحف الشيوعية العراقية والكوردستانية. وبهذه المناسبة، ووفاءً للنضال الشاق لانصار الحزب الشيوعي العراقي، وكذكرى لمن ضحوا في سبيل الحرية والديمقراطية وكرامة الانسان والعدالة الاجتماعية في العراق وكوردستان، نستذكر عملية احتجاز المهندسين الفرنسيين (موريس هارلي و كي مور) مع سائقهما العراقي المدعو (زيا يوسف) على طريق بين كركوك وبغداد وتحديداً بالقرب من مدينة ( طوز ) التي تقع بشمال شرق العراق والتي تتبع إدارياً لمحافظة صلاح الدين من قبل انصارـ بيشمه ركة الحزب الشيوعي العراقي سرية كرميان في 22/ 7/ 1981، والتي كانا يعملان في شركة (سوكريا) الفرنسية الاختصاصية بالمنشآت المائية، والضجة الإعلامية الدولية والعربية والمحلية التي رافقت عملية احتجازهما من قبل مفرزة شيوعية مقاتلة في عمق الأراضي العراقية. وفي بيان صادر عن المكتب العسكري المركزي التابع للحزب الشيوعي العراقي والذي نشر في صحيفة ريبازي بيشمه ركة ـ نهج الأنصار (2) في أيلول 1981 طالب من فرنسا ان تضغط على النظام العراقي لاطلاق سراح السجناء السياسيين في سجون النظام البعثي وفي مقدمتهم (عايدة ياسين ـ ام علي المرشحة لعضوية اللجنة المركزية، والدكتوران صفاء الحافظ وصباح الدرة اللذان اختفيا قسراً في ظروف غامضة) وتصفيتهم لاحقاً. وعلى الرغم من مطالبات المنظمات الدولية والعربية بإجلاء مصيرهم ومصير العديد من المعتقلين السياسيين الاخرين، لكن القمع البعثي الوحشي اتسع ليشمل ليس فقط الشيوعيين، وانما جميع القوى الديمقراطية، بما في ذلك الأحزاب الكوردية، والقومية و حزب الدعوة وغيرها من القوى والشخصيات المعارضة للنظام.
كما تحدث الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي العراقي الدكتور (رحيم عجينة) في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمعية ممثل وزارة الخارجية الفرنسية (مسيو بيون) في باريس في أيلول عام 1981 وبحضور عدد كبير من الإعلاميين عن وحشية النظام البعثي و قمعه، و طالب عجينة الحكومة الفرنسية من خلال ممثل وزارة الخارجية الفرنسية، وقف مساعداتها وتعاونها للنظام البعثي ورفض التعامل معه بعد ان تحول إلى نظام قمعي مستبد.
وفي 26/ 9 /1981 كتبت صحيفة لوماتيتيه تقريراً عن الفرنسيين المحتجزين من قبل انصار الحزب الشيوعي العراقي في كوردستان العراق، ونشرت ايضاً حديث ممثل الحزب الشيوعي العراقي في فرنسا عن استبداد النظام البعثي وقمعه وجرائمه ضد الشعب العراقي والشعب الكوردستاني، وعلى اثر ذلك حدث سجالاً حادا بين الفرنسيين وطالبوا الحكومة الفرنسية بوقف مساعداتها للحكومة العراقية وعدم ارسال خبرائها إلى العراق.
لقد أصيب رأس النظام البعثي نتيجة نجاح العملية العسكرية واحتجاز الفرنسيين بحالة هستيرية، وارسلوا في فجر اليوم التالي قوة عسكرية كبيرة مدعومة بالسمتيات إلى مناطق كرميان وسهل أربيل و قاموا بقصفها عشوائياً و تمشيطها بحثاً عن البيشمركة الأنصار، دون جدوى.
كان لتلك العملية صدى دولي وعربي ومحلي كبير اكثر من المتوقع، ففي الوقت الذي اهتزت فيه المدن الكوردستانية فرحاً، وصلت اخبار العملية سريعاً إلى فرنسا و دول أوروبية أخرى وإلى الرأي العام العالمي والعربي.
ومن الجدير بالذكر ان الحزب الشيوعي العراقي قام بالافراج عن المحتجزين بعد طلب و تدخل الحزب الشيوعي الفرنسي بدون أي مقابل. وبعد الافراج عنهما، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية انه تم اطلاق سراح الرهينتين وهما بصحة جيدة .
تحية لانصار الحزب الشيوعي العراقي الابطال
تحية لنهج الأنصار و للومانيتيه الفرنسية
.............................
1 ـ صحيفة لومانيتيه l`humanite، صحيفة فرنسية شيوعية تأسست في عام 1904 من قبل القائد الاشتراكي الفرنسي والكاتب والصحفي والمؤرخ (جان جوريس ـ Jean Jaures) ، والذي اغتيل سنة 1914 لمعارضته و مواقفه الوطنية السليمة. دفن جوريس في مقبرة العظماء بباريس بعد اغتياله بعشرة سنوات.
2 ـ صحيفة انصارية شيوعية، تم إصدار العدد الأول منها في شباط عام 1980 في جبال كوردستان من قبل إعلام الحزب الشيوعي العراقي. العدد المنشور من أرشيف البروفيسور د. عثمان دشتي.