بعد الأحداث التي عُرفت بربيع كردستان، والمظاهرات التي شهدتها المدن الكردستانية في عام 1982، وبعد الاستقرار النسبي الذي شهدته المنطقة عقب معارك (ورته)، وما احدثته عملية اقتحام الربيئة التي قادها الرفيق الشهيد خضر كاكيل مع سرية (روست) من دافع معنوي، تحركت ونشطت جميع السرايا في اربيل، كل ضمن منطقة عملها. هذه الظروف الايجابية، دفعت سرية (خوشناوتي) للقيام بمجموعة من العمليات، أبرزها الدخول بكل قوتها البالغة 80 نصيرا لمدينة عنكاوة الملاصقة لمدينة اربيل، وذلك في نهاية الشهر العاشر من العام 1982.

انطلقت المفرزة قبل تنفيذ العملية بيومين من منطقة "كه س نه زان"، وقطعت مسافة طويلة مشيا على الاقدام في اراضي محروثة للتو، مما زاد من متاعب المفرزة. الوصول الى عنكاوا، يتطلب الالتفاف حول اربيل، والدخول من مكان لم تتوقعه السلطة، فدخلنا من منطقة معامل الدواجن، الهدف: (تجريد عدد من مقاتلي الجيش الشعبي من اسلحتهم، واعتقال اثنين من أعضاء الاجهزة الامنية ممن اقترفوا جرائما بحق رفاقنا). ان مجرد دخول المدينة، يعد تحديا كبيرا، لا تجرأ اية قوة اخرى القيام به، بل ان اذاعة الاتحاد الوطني الكردستاني، شككت بحصوله قبل ان تصلهم اخباره من داخل المدينة.

عندما دخلت القوة، توزعت الى مجاميع صغيرة، مؤمنة الطرق المؤدية الى المنطقة بواسطة الانصار الحاملين لقاذفات (الار بي جي)، للتصدي لأية قوة مدرعة تهاجمنا، خاصة وان المعلومات تشير الى وجود القيادات الحزبية البعثية ومسؤول فرع الشمال في مقر المنظمة هناك. دخلت مجموعة صغيرة إلى حديقة احد المنازل المطلة على الشارع المؤدي الى مقر منظمة البعث، وسيطرت على اغلب البيوت التي من المقرر اقتحامها من دون اطلاق نار، لكن واحدة منها، قاومت، وصعد اثنان من عناصرها موجهة فوهات بنادقها صوب 6 من رفاقنا المتواجدين في الحديقة قرب باب المنزل الداخلي. لحظات تفصلهم عن ارتكاب جريمتهم، قبل أن ينتبه الرفيق الموجود في بيت اخر، ويوجه نيران سلاحه (الار بي جي 2) نحو السياج، حيث يقف المجرمون. اندلعت معركة بيننا وبينهم، لكننا، وبعد ان تقدمت المدرعات ومشطت خط الانسحاب المتوقع، وقبل ان يظهر النهار ويأتي طيران الهليكوبتر، قررنا الانسحاب الى التلال المحيطة.

انسحبت المفرزة بعد مقاومة عنيفة، وكان خط الأنسحاب يتطلب سرعة الجري لتجاوز المنطقة السهلية والاحتماء بالانهار والتعرجات على سفح احدى التلال. مكثنا هناك طوال ساعات النهار التي شهدت تحليقا للطيران الاستطلاعي، لكننا نجونا، وحققنا هدف الدخول الى مدينة محصنة ومحمية بالجيش والجحوش ويقع فيها المطار العسكري، وهذا بحد ذاته كان عملا بطوليا.

النصير الشيوعي العدد 40 السنة الرابعة تشرين الثاني 2025