موسم انكشاف العيوب..دولياً / عدنان حسين                                  

مؤتمر إعمار العراق المنعقد الآن في الكويت شجّع بعض المنظمات الدولية على الكشف عن بعض العيوب الخطيرة لنظامنا السياسي الحالي (الإسلامي) الذي ما فتئ أصحابه يباهون به ويفاخرون "على الفاضي".

خذوا، مثلاً، منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) التي قالت للتوّ في أحدث تقرير لها إن سكان الريف العراقي المُقدّر عددهم بـ 12 مليون نسمة (ثلث سكان البلاد) يعيشون في أحوال مزرية في الواقع، وهذه مفارقة كبيرة، فعلى مرّ التاريخ كانت أرض السواد أو بلاد الرافدين مصدراً للخيرات والحضارات.

تقرير المنظمة الدولية يلحظ تدهور الزراعة في العراق، وهو تدهور يلمسه كل عراقي، فأكثر من ثلاثة أرباع ما يأكله العراقيون، بمن فيهم سكان الارياف، مستورد من الدول المجاورة، بما في ذلك الحليب واللبن والخيار والطماطم ..!  وعدا عن شحّ الأموال اللازمة للاستثمار في القطاع الرزراعي فإن عدم وجود سياسة حمائية  للدولة في العراق في مقابل وجود سياسات تشجيعية من جانب دول الجوار، يجعل المنتوج الزراعي العراقي يسقط بالضربة القاضية في حلبة المنافسة،  أغلى من المنتوج المستورد وأردأ في نوعيته.

التقرير يقول أيضاً إن العراق قد خسر 40% من انتاجه الزراعي في غضون السنوات الأربع الماضية بعدما سيطر فيها تنظيم داعش الإرهابي على مساحات واسعة من الأراضي التي لحقت بها أضرار كبيرة ومنها تدمير البنية التحتية ومصادر المياه والانتاج الزراعي ونهب المعدات الزراعية والبذور والمحاصيل والغلال المخزّنة والحيوانات. ومعلوم أن احتلال داعش لم يأتِ من فراغ.. إنه نتاج طبيعي للسياسات الخرقاء التي أُنتُهِجت على مدى سنوات قبل 2014، وهي سياسات مارستها الحكومة وأحزاب الإسلام السياسي الحاكمة التي ظلّت تسعّر اوار الحرب الطائفية حتى وقعت كارثة الاحتلال الداعشي .. بل الطاحونة لم تزل عاملة بنشاط !

التقرير يخلص إلى ضرورة  إعادة إحياء القطاع الزراعي في سبيل تحسين انتاج الغذاء وتعافي سكان الارياف ... هذا مطلب ليس بسهولة قوله أو كتابته، فالطبقة السياسية الحاكمة، بسبب فسادها الاسطوري، لم تترك شيئاً للزراعة أو الصناعة أو الخدمات العامة، ما يدفع بالدولة العراقية إلى الوقوف على  أبواب الدول والمنظمات الدولية ... للشحاذة. 

من جانبها، أعلنت منظمة الصحة الدولية في تقرير بخصوص النازحين أن 2.4 مليون من هؤلاء هم  أمسّ الحاجة إلى رعاية صحية سريعة ومباشرة. وبالطبع فإن العراقيين الذين يعيشون خارج مناطق النزوح، بما في ذلك المدن الكبرى كبغداد والبصرة، هم أيضاً تعوزهم الرعاية الصحية اللازمة ... وهذا مرة أخرى ودائماً بفضل سياسات الطبقة الحاكمة المكوّنة من أحزاب الإسلام السياسي التي لم ينل العراقيون منها غير الفقر والبطالة وانهيار نظام الخدمات ، فضلاً عن الخذلان وخيبة الأمل  ... والفساد!