
نقيب الصيادلة ليس الوحيد .. / عدنان حسين
بعد وقت من الشدّ والجذب والأخذ والردّ والتي واللتيا، سقط نقيب الصيادلة (وآخرون معه) في أيدي القضاء، مع ثبوت الاتهامات ضده باستيراد أدوية منتهية الصلاحية ومغشوشة ومجهولة المصدر، بحسب رئيس اللجنة التحقيقية البرلمانية المكلّفة التحقيق في صفقة الأدوية الفاسدة، النائب حاكم الزاملي.
عقب الاعتقال وثبوت التهمة بالأدلة القاطعة والوثائق الصحيحة، انتخبت نقابة الصيادلة نقيباً جديداً بعد ازاحة النقيب الفاسد الذي ينتظر الآن المحاكمة مع مساعديه والمتواطئين معه في هذه القضية، وبينهم صيادلة ورجال أمن.
حالة نقيب الصيادلة ليست فريدة من نوعها في هذي البلاد التي تعمل ساعة الفساد فيها بكفاءة عالية للغاية 24 ساعة وأكثر في اليوم الواحد ... واسألوا أي عراقية أو عراقي ليقدّم الدليل، وأكثر من دليل .. وانظروا في أي شئ يلمحه بصركم في الشوارع والدرابين والساحات والاسواق والمدارس والمستشفيات، لتتأكدوا من أن الدليل الذي تقدمه العراقية أو العراقي قاطع وساطع.
ليس الفساد ماركة مسجلة بأسماء الدوائر الحكومية .. أجهزة الدولة كلها موبوءة به، بما فيها الهيئات والمنظمات غير الحكومية، وفي المقدمة تأتي النقابات.. نعم في النقابات فساد كبير، يمتدّ بعضه إلى ما وراء الحدود، وعلى رأس كثير من النقابات، حتى لا نقول كلّها، إدارات تنظّم هذا الفساد وتديره، مستحوذة على ملايين الدولارات من المال العام بغير ما طريقة ووسيلة .
في التاسع من تشرين الأول الماضي وجهتُ، عبر هذا العمود، دعوة في سبيل عدم إهمال فساد النقابات والمنظمات. الدعوة كانت موجّهة إلى الحكومة والخبراء الدوليين الذين اضطرّت الحكومة للاستعانة بهم لمراجعة الحسابات والكشف عن عمليات الفساد الإداري والمالي الحاصلة فيها.
يومذاك كتبتُ: " .. ظاهرة الفساد الإداري والمالي لا يقتصر تفشّيها على المؤسسات والدوائر الحكومية. هناك أيضاً النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن المصارف والمؤسسات المالية" .. و" بعض هذه النقابات والمنظمات متورّط في قضايا فساد إداري ومالي. المسؤولون فيها يستغلّون واقع أنّ أعمالهم ليست خاضعة لرقابة أيّ جهة في الدولة، ومن المفروض أن تقوم الجهات المانحة أو الآمرة بالمنح (الحكومة ومجلس النواب) بمراقبة مصير الأموال الممنوحة إلى هذه النقابات والمنظمات، للتوثّق من أنّها تُنفَق لتحقيق الأهداف المُبتغاة وليس لإثراء أعضاء مجالس هذه المنظمات والنقابات. كما يتعيّن أن تخضع موازنات هذه النقابات والمنظمات لرقابة ديوان الرقابة المالية واللجان البرلمانية المختصة وهيئة النزاهة".
قضية نقيب الصيادلة وأعوانه والأدوية الفاسدة والمغشوشة التي كانوا يتعاملون بها زمناً طويلاً، دليل على أن النقابات والمنظمات وإداراتها ليست فوق مستوى الشبهات، بل الشبهات تطالها على نحو مباشر... أظنّ أن الكشف عن الفساد في هذا المجال أسهل بكثير ممّا في الدوائر الحكومية المتمرّسة بالبيروقراطية .. وفي كل الاحوال لا ينبغي التهوين من أهمية هذا الفساد، ولا من خطر القائمين عليه من نقباء ومساعدين لهم وأعوان داخل النقابات وخارجها.
وإنْ رغبتم في مساعدة ستجدونها حين الطلب.