ما جدوى قانون الاقتراض إذا كانت ديون العراق ليست بجديدة!؟ / محمد وذّاﺡ

من أجل سد عجز موازنة العراق المالية للعام الحالي 2020 التي لم ترى النور بعد، ذهب مجلس النوّاب إلى التصويت (نهاية شهر حزيران الماضي 2020) على مشروع قانون يمنح الصلاحيات للحكومة الاتحادية أن تتوجه للاقتراض المحلي والخارجي، بشرط أن لا يزيد مبلغ الدين عن (5) مليار دولار أمريكي من الخارج و15 ترليون دينار (نحو 13 مليار دولار) من الاقتراض المحلي.

توجه الحكومة الاتحادية العراقية إلى الاقتراضات المالية من الدول والمؤسسات والبنوك الخارجية ومن المصارف المحلية داخل البلاد يأتي بالأساس من أجل تأمين رواتب الموظفين والنفقات التشغيلية الأخرى، جراء تراجع أسعار النفط بفعل جائحة #كورونا، التي شلت قطاعات واسعة من اقتصاد العالم وتسببت بعجز مالي في موازنة العراق للعالم الحالي يصل إلى (35) مليار دولار

من دون إصلاحات اقتصادية

وقد لأقى قرار البرلمان العراقي للاقتراض الخارجي والمحلي، ردود فعل رافضة على المستوى الشعبي والسياسي، لأن القانون الذي قدمته الحكومة الاتحادية برئاسة مصطفى الكاظمي، الى البرلمان لم يتضمن ورقة إصلاح اقتصادي لوضع البلاد الذي تذهب جلّ ميزانياته المالية -المُتأتية من عائدات النفط العراقي-  إلى الرواتب وتغطية النفقات التشغيلية من دون أن تكون هناك مصادر أخرى للدخل العراقي إﺿافة إلى أن القروﺾ الخارجية ترهن قرار الدول، وفق ما يراه رئيس كتلة السند الوطني، النائب أحمد الأسدي.

وأضاف الأسدي في تصرﺡ سابق: "نحن لا نرفض الاقتراض الداخلي والخارجي ولكن نطلب تقنينه بشروط وهذه الشروط تضمن حماية الصندوق السيادي في الدولة ومصالح الناس"، لافتاً إلى أن "الاقتراض الخارجي يرهن قرار العراقي".

وعلى الرغم من أن قانون الاقتراض الخارجي والداخلي الذي صوت عليه البرلمان قد أشار في السابعة منه بإلزام مجلس الوزراء بتقديم برنامج للإصلاح الاقتصادي خلال 60 يوماً من تاريخ المصادقة على القانون، إلا أن لم يبين طبيعة تلك الاصلاحات الاقتصادية سواء بتقليل الإنفاق الحكومي وترشيد النفقات العامة أو الاعتماد على مصادر أخرى لدخل الدولة وعدم الاكتفاء على عائدات النفط.

رهن أرقاب الاجيال المقبلة

من جهتها، حذرت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النائبة ندى شاكر جودت، من تبعات الاقتراض الخارجي على مستقبل الاقتصاد العراقي والأجيال القادمة.

وأضافت أن "الحكومة ستقترض وفق القانون الجديد 5 مليارات دولار بمعنى أن حجم الديون ستبلغ 31 مليار دولار، وستترتب عليها فوائد مالية، والعراق ليس باستطاعته تسديد هذه الديون ما يعني ان قيمتها ستزداد سنويا وهذه ستكبد الاجيال القادمة وتجعل مستقبل الاقتصاد العراقي على المحك".

واتفقت النائبة ندى جودت مع ما حذر من رئيس كتلة السند الوطني، أحمد الأسدي، إلى أن "الاقتراض الخارجي يترتب عليه ايضا شروط سياسية من الجهة المقرضة وبالتالي يصبح الاقتصاد العراقي رهينة بيد تلك الجهات"، داعية الى "عدم اللجوء الى الاقتراض الخارجي واللجوء الى الحلول الجذرية لمواجهة الازمة المالية والاقتصادية".

ديون العراق ليست بجديدة

بالمقابل، استهجن الكثير من المراقبين العراقيين الى مسعى الحكومة العراقية للاقتراض المالي الخارجي وفق قانون اقره البرلمان، لأن ذهاب العراق الى اقتراض الاموال من أجل سد العجز المالي في ميزانيه الصرفية ليس بجديد فقد ذهبت الحكومات السابقة إبان عامي (2014- 2015) الى الاقتراض بعد انخفاض اسعار النفط التي تزامنت مع سيطرة "داعش" على مناطق ومدن كبيرة في العراق وسوريا.

إثر ذلك أصبح الدين الأجنبي حاليا -وفقا لصندوق النقد الدولي- 85.3 مليار دولار، ويضم مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة وشراء الكهرباء والغاز من إيران، في حين يبلغ الدين الداخلي أربعين مليار دولار، أغلبه للبنك المركزي والمصارف الحكومية الثلاثة: الرافدين والرشيد والعراقي للتجارة، وهيئة التقاعد الوطنية.

ويقترح المراقبون، إنه يمكن التخلي عن الاقتراض الخارجي، عن طريق إعادة النظر في الهيكل الإداري للدولة، التي تعاني من ترهل كبير في عدد موظفيها، وإعادة تفعيل مسألة التمويل الذاتي في قطاعات الزراعة والصناعة والتعليم والصحة، وخصخصة الشركات بطريقة مدروسة، ورفع سعر الفائدة للقروض المالية وطرح سندات داخلية والأهم تطبيق ما الزم رئيس  الوزراء مصطفى الكاظمي به نفسه بالسيطرة على المنافذ الحدودية وإنهاء سيطرة الاحزاب والفصائل والميليشيات العراقية على المنافذ وجباية جلّ عائداتها.