
ميثاق شرف ...!؟/ عدنان حسين
ها هو "ميثاق شرف" جديد ينهال علينا، مُنضمّاً الى القائمة الطويلة من مواثيق الشرف ومواثيق المصالحة الوطنية وسواها ممّا أُحتُفيَ بها أعظم أحتفاء، وأقيمت للموقّعين عليها أدسم الولائم في أفخم المطاعم والفنادق!
هو "ميثاق شرف انتخابي" هذه المرة .. وكالذين وقّعوا من قبل على المواثيق السابقة التي انزوت في أقبية النسيان، فإن الذن سيوقّعون على الميثاق الجديد إنّما يوقّعون لكي لا يلتزموا بمضمونه ولا ينفّذوا أي بند من بنوده ! .. إنهم مرة أخرى يمارسون لعبة الضحك على ذقون الناس، لكنّهم في الواقع يجعلون الناس تضحك عليهم، فما مِنْ عراقية تصدّق وما مِنْ عراقي يصدّق بأن الميثاق الجديد يُمكن أن يختلف عن سابقاته .. الموقّعون عليه هم أنفسهم ممثلو الجهات التي وقّعت في ما مضى على تلك المواثيق التي انتهت أوراقها، بأسماء موقّعيها والقوى التي يمثّلونها، الى حاويات القمامة.
القوى التي ستوقّع على ميثاق الشرف الانتخابي هي، بحكم تجربة الأربع عشرة سنة معها، الأكثر فساداً وكذباً واحتيالاً، والميثاق الجديد لا يعدو كونه حيلة جديدة وكذبة جديدة، والفاسد والمحتال والكذاب لا ذمّة له ولا ضمير .. ولا شرف أيضاً بالتأكيد.
أكبر دليل على أن هذا "الميثاق" أُعِدَّ وجُمِعت التواقيع عليه لا ليكون ميثاقاً مُحترماً ومصوناً ومُلزِماً للموقّعين عليه، أن القوى المتنفذة في السلطة، وهي نفسها القوى الرئيسة الموقّعة على الميثاق، انتهكت الميثاق حتى قبل التوقيع عليه .. شوارع بغداد وسائر المدن تقدّم الدليل .. لوحات الدعاية الانتخابية انتشرت في كل الشوارع والساحات وعلى أسطح البنايات قبل أسابيع عدة من الأوان الرسمي لانطلاق الحملة الانتخابية.
هذه القوى إنّما تمارس الاحتيال على نظام الانتخابات في الواقع بعدم وضع رقم القائمة ورقم المرشّح، لكنّ اللوحات المبثوثة في كل مكان، تزامناً مع قرب موعد الانطلاق، حملت كل ما هو لازم وضروري في إطار الدعاية الانتخابية، وبخاصة أسماء القوائم وصور وأسماء المرشّحين الرئيسيين، بمن فيهم رئيس الوزراء حيدر العبادي ونائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وسواهما!.
شكل آخر من أشكال الاحتيال وانتهاك "ميثاق الشرف" على أيدي الموقّعين عليه، فضحته مواقع التواصل الاجتماعي التي بثّت مقاطع فيديو يظهر فيها مرشّحون الى الانتخابات يوزعون أطعمة على سكان أحياء فقيرة .. الطريف أن بعض الصناديق التي وُزعت منها الأطعمة كانت تحمل إسم وزارة الهجرة والمهجّرين، ما يعني أن المرشّح الذي "بادر" الى توزيع الأطعمة إنّما سرقها من حصّة النازحين المشرّدين في المخيمات!. مرشّح آخر عمد الى توزيع لفّات "ساندويشات".. وللأسف لم نعرف ما إذا كانت السندويشات كانت تحتوي على الهمبرغر أم على مجرد الفلافل ..!.. وثمة شكاوى ومعلومات عن بيع وشراء بطاقات انتخابية تمارسها بعض القوى المتنفّذة التي توافقت على الميثاق الجديد!
ويقولون لك إنهم قد وقّعوا على ميثاق للشرف ...!!