فئران البصرة  إذ تلعب ..! / عدنان حسين                                          

متأخِراً جداً يكتشف أحد أعضاء مجلس محافظة البصرة وجود جهات سياسية وعشائرية تنتهك القانون باستخدام  نفوذها للسيطرة على العمالة في شركات النفط العاملة في عاصمة النفط العراقي.

في تصريح صحافي، أعلن عضو مجلس المحافظة نشأت المنصوري أمس أن ما أسماها "جهات تحمل طابعاً عشائرياً وسياسياً تسيطر منذ فترة ليست بالقريبة على العمل في شركات النفط العاملة في المحافظة وتحتكر هذا العمل لها"، مضيفاً أن هذه الجهات تستحوذ أيضاً على "الحصة الأكبر من العمالة في الشركات".

هذا أمر معلوم بتفاصيله الممّلة لدى سكان البصرة وسواهم منذ زمن يمتدّ الى السنوات الأولى التالية لعملية التغيير في 2003، فأحزاب الإسلام السياسي التي تقاسمت النفوذ والسلطة في البصرة تصارعت على الثروة ومصادرها في المحافظة. وغلى أيام قلائل مضتْ، ظلّت هذه الأحزاب ومسلحوها وميليشياتها وعشائرها يتقاتلون في ما بينهم على مصادر الثروة، وفي مقدمها حقول النفط وأنابيبه وشركاته.

ولا ينحصر الأمر في قطاع النفط .. إنه يشمل سائر القطاعات الاقتصادية والمالية. والشهر الماضي مثلاً اتّهمت لجنة النزاهة في مجلس محافظة البصرة جهات وصفتها بـ "متنفذة ومسيطرة على الموانئ" بأنها "تتعمّد تعطيل وتخريب  أجهزة السونار في الموانئ لتهريب البضائع"، وأنها "تساوم التجار على إدخال البضائع بتهرّب كمركي أو تخفيض القيمة الحقيقية للبضائع من أجل إدخالها الى العراق مقابل مبالغ طائلة"، بشهادة رئيس اللجنة محمد المنصوري الذي دعا الحكومة الاتحادية في بغداد إلى "الإسراع في إنهاء وجود مافيات الفساد لإيقاف هدر الملايين من الدولارات في الشهر الواحد".

هل تريدون مثالا آخر؟

الشهر الماضي أيضاً احتجّ فلاحون في البصرة على قيام جهات غير رسمية بجباية رسوم منهم، مدّعية انها تابعة لجهات حكومية وهي ليست كذلك.

وقال أحد الفلاحين إن "جهات غير رسمية تستلم منّا الجبايات بذريعة أنهم تابعين لجهات حكومية".

وفي حالة أحدث عمراً، اتّهم عضو مجلس محافظة البصرة أحمد السليطي "جهات" بالعمل على تعطيل ملف جمع ومعالجة النفايات في المدينة. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع أعضاء في المجلس ومدير بلدية البصرة، إن "بعض الجهات داخل المحافظة اليوم تحرّض العمال وسائقي الكابسات في القطاع الخاص على عدم العمل مع البلدية لافشالها وبالتالي إعادة العمل الى الشركات" الساعية للاستحواذ على الأموال المخصّصة لهذا القطاع، وهي شركات تستقوي بجماعات سياسية وأخرى مسلحة تقف وراءها وتستفيد منها مالياً.

والحقّ ان البصرة ليست وحدها مَنْ يعاني من هذه البلوى .. سائر محافظات الجنوب، بل محافظات البلاد كلّها تقريباً تعيش المحنة ذاتها.

في غياب الدولة وسلطة القانون يحصل  كل ما لا يُعقل، فإذ يغيب القطّ تلعب الفئران والجرذان على راحتها.