أحقاً " خُلِيَتْ " ؟! أما عادَ في الناسِ ، مَنْ يَعقِلُ هـــذا الأَدْرَصْ ؟!/ يحيى علوان

لا يَشيبُ البعيرُ إنْ تقدَّمَتْ بـه السنون وهَرِمَ ، يُقـالُ لـه عَوْدٌ ... وإذا غـدا عَوْدَاً ، فَقَـدَ أَسنانَهُ تِباعاً ، فلا يعودُ  يَقوَى على الرَعْي  وأكلِ الكلأ .. عندها يُقالُ لـه أَدْرَصْ ، وليس أَدْرَدْ ( للأنسان ) !

وفـي حـالٍ كهـذه يُصـابُ البعيــر، إيـاه ، بـ" سُعارٍ" وخَبَـلٍ - والعياذُ بالله - فيروحُ  يرغي ، يرفِسُ  ويركلُ  ويحطِّـمُ  كـلَّ ما يقـعُ  فـي طريقـه .. فلا يَبقـى أمـام  أهلـه  إلاّ  أَحـدَ  أمـريْن : إمـا  أَنْ  يذبحـوه  ليفيدوا من  لحمه  وجلده  وَوَبره  -  براغماتياً ، بلغةِ " العصر"! - ،

أو ، إذا كانـوا  كُـرَماء ، أَنْ  يَعقِلـوه (من عِقال !)  إِتقـاءاً  مـن  أذىً  قـدْ  يُلحِقُه  بهـم  فـي  هَيَجانِه ، فيُقدّمـون  لـه  ما  يقتاتُ عليـه ، " تكريماً !" لخـدماته  السَابقة !

*      *       * 

هو "صاحبُنا" الذي أَفزَعَ العبادَ ، ولمّا يزَلْ ..                                                            

هو .. هو ، هو"الأبَدُ الذي لا رادَّ له"!

هو إبنُ الظُلمَةِ .. يَئدُ أحلامَ الناسِ ، لا فرقَ عنده بين صغير أو كبير .. إمراةً أو رجُلاً ، مُعافىً أو مريضاً .. يُقَهقِه ساخراً مِنّا ..

هو أعتى مُستبدٍّ في الكونْ ..

أتراه ، يمارسُ " لعبته " الأثيرة ، منذ أبَدِ الآبدين ، كي يكسرَ دورة الحياة ؟

أم تُراه بــ"لعبته" يخلقُ الفرصَ لتجديدها ؟!

*      *      *

قُلتُ له : أعترفُ أَنَّكَ أكبر وأقدم دكتاتور مستبدٍّ على وجه البسيطة .. فإنْ كنتَ نبيلاً

، كما تَروي الأساطيرُ عنك ، كنْ فارساً حقاً ..! إنسَ أحقادك عليَّ  إذ هَزَمتُكَ وسَخَرتُ منك غير مرة وفي أكثر من موقعٍ وبلَدْ . مَكَرتُكَ إذ أنتحلتُ أسماءً مُتعدّدة وأربع بطاقاتِ هوية و سبعة جوازات سفرٍ ..!!

إخبرني قَبلَ أنْ تأتي ، ستجدني جاهزاً ، باسماً مَرفوعَ الجبهةِ ، كما كنتُ في هذه الحياة .. سأكونُ قد تَحمّمْتُ ، حَلَقتُ ذقني ، لَبِستُ خيرَ ما عندي .. وتعطَّرتُ بعِطريَ الأثيرِ ، فأني لا أهابكَ .. 

قد عشتُ حياتي بما إستطعتُ ، وما توفَّرَ لي .. ولستُ في مَعرِضِ النَدَم ..!

لَنْ أشرَبَ عصيرَ القُنوط .. ولنْ أُعيدَ بناءَ خرابي !

لنْ أقيسَ العمرَ بحساباتِ الخاسرِ بحثاً عن " الزمن الأَمثل "!

أتدري لماذا لا أخافُك ؟!

لأنني أنا المُتحوِّلُ ، سأنتقِلُ إلى كينونةٍ أُخرى ، تَجهلُها أنتَ .. مَملَكةُ الحرية المطلقة !

حيثُ أكون مُتحرّراً من أيّ إستبدادٍ أو إملاءٍ حكومي كانَ ، أمْ مؤسساتي .. إداريٍّ أو حزبيٍّ

دينيٍّ أو قومي وغيرها من التشكيلات والكيانات  ..!

مملكةٌ لا تعرِفُ الخيانَةَ والتدليسَ ، وسواهما مما لا أَحفَظُ من مرادفاتٍ ..

مملكةٌ خالية من الطمَعِ ، والتزلُّفِ والغَدرِ .. من الكذب والنفاقِ والتنطُّع .. لا وجودَ فيها للغش والنهب أو النميمة السوداء ، أو التدافعَ بالمناكب من أجلِ السرقة ونيل "الحضوة" ... إلخ

مملكةٌ لا أفكرُ فيها بمدخولٍ مالي ، ولا أحارُ بدفع الإيجار في نهايةِ كُلِّ شهر أو الإقتراض

لتمشية أمور عيشٍ كفيف ..!

مملكةٌ تعيشُ وتتطوّر حسب حاجاتِها هي ، بتناغُمٍ تام ، دون حروبٍ أو إِملاء وإكراهٍ ،

مملكةٌ لاتعرفُ الحقدَ ولا التَشَفّي ،

مملكةٌ لا سطوةَ لكَ عليها ..

هناك سأنساكَ تماماً !!

 كُنْ مُطمئناً ، سأتحرَّرُ من مشاعر البشر .. لا عواطفَ ، لا حقدَ ، ولا كراهية ..

لا خوف ولا ممالأة أو تزلُّف ، أو حتى مُناكفَةٍ !

 .. حينها لن أكونَ بحاجةٍ إلى تحَدّيكَ أو حتى السخرية منكَ !

لنْ تُنغِّصَ عيشي .. يكفيني أنَّ الحَنَقَ سيملأُك وسيفيضُ عنكَ ، فلا تستطيعُ أخذ "الثأر"... ستطُقّ من الغَمِّ !!

....................

..................

لذلك كلِّه أريدُ نِزالاً  خاطفاً .. فلا طاقَةَ لي ولا رغبةَ  في نزالاتٍ وجولاتٍ ، بل أكره الآلام وسَحلَلَةَ العذاب ..

إذاً إِنْهِ ما تريده مني بضربةٍ واحدة ، وكفى .. !!

.......................

وإنْ لمْ تَرُقْ لكَ هذه الفكرة ! فلديَّ بديلٌ آخر .. أُحبِّذُه شخصياً !

بأعتباركَ " الأبَدَ " الوحيدَ في هذا الكوكب ! هَرِمتَ وصرتَ شيخَ العَجَزَة ! لكنكَ لمْ تَفقِدْ شيئاً من شراهَتِك في قِطافِ أرواحِ الناس ..

قد تكون أصبَحتَ أَدرَصاً ، ولا تقوى على النِزال .. في هذه الحال ، ولتسهيلِ مُهمّتكَ ، أنصحُكَ بزيارتي حينَ أكونُ نائماً في سريري !

سترى أنَّ هذه الطريقة ستُوفِّرُ لكلينا إمكانيةَ الإنتهاء من الأمرِ دون ضجيجٍ أو آلامٍ مستدامةٍ لا مُوجبَ لها ... إلاّ إذا كُنتَ ساديّاً بائساً !  

لكن لا تنسَ ، يا أَنتَ ، أنَّ الساديةَ  ليستْ من شِيَمِ الفُرسانْ ..  

هذا إنْ كنتَ فارساً حقاً !!

                                                                                     يحيى علوان