لاشك ان انتفاضة تشرين جسدت البطولة والشموخ من خلال شعاراتها الوطنية الصادقة (نريد وطن) وشعارات اخرى تلبي طموحات المنتفضين حول البطالة وظروف المعيشة وتحولت الى شعارات اخرى ضد التبعية للاجنبي والذيول التي مارست وتمارس القتل والاختطاف والاعتقال وغير ذلك.
انطلقت الانتفاضة في الاول من تشرين الاول 2019 وشارك فيها مختلف فئات الشعب وطبقاته ومن مختلف القوميات والاقليات والطوائف وكان لها صدى واسع بين ابناء شعبنا العراقي
وقدمت الانتفاضة عددا كبيرا من الشهداء يقدر ب 760 شهيد واكثر من 20000 الف جريح ، حيث عبرت الطغمة المتسلطة على شعبنا بهمجية القتل والتنكيل والخطف وخاصة من الناشطين والناشطات واجاد المتمسكين بالسلطة اِذلال الانسان العراقي الذي عبر من خلال الانتفاضة عن حقه الطبيعي في العيش الكريم وتوفير الماء والكهرباء والامن والخدمات المختلفة وهذه ابسط الاشياء التي يقرها الدستور العراقي وانظمة وقوانين الامم المتحدة والعالم ككل.
واستمرت الانتفاضة وفي جميع انحاء العراقي وبالذات في المناطق الجنوبية من بلادنا والتي لم ترى شئ جديد في تغيرات الحياة وافاقها المستقبلي في البناء وتغير حياة الفئات الهامشية من الفقراء والمعوزين.وقابلت الحكومة ابناء شعبها بالرصاص الحي والهمجية المفرطة في القتل والتشريد والاعتقال.حاولت السلطة ان تدافع عن وجودها بطرق الترهيب والتسقيط وحملات من المداهمات ...الخ
لم تكن شعارات المجاميع التي انبثقت من انتفاضة تشرين موحدة ،لانها اصبحت مختلفة الفكر والتوجه والسياسة اضافة الى التاثيرات من الاحزاب الحاكمة بهذا القدر وذاك.وهناك عوامل ساعدت في ذلك في شراء ذمم البعض وتشكيل احزاب تشرينية.
وباساليب السلطة ومراوغتها اضافة الى تشتت مجاميع وقوى تشرين عن بعضها ،ادت بالتالي الى فشل الحركة مؤقتا ، مدركة ان حقها في المطالبة بالحياة وحقوقها المشروعة لازالت مهما بلغ الوقت ، وعلى المنتفضين ان يدركوا ان احقية المطالبة ضمنها الدستور العراقي .
وكنا متاملين ان تشترك قوى اخرى وهي الطبقة العاملة والمنتجة والمؤثرة بثقل اكبر مما كان (كان اشتراك البعض من العمال بشكل بسيط جدا)، اضافة الى المؤسسات والمعامل والمصانع .لان العمال اول المتضررين من ظروف الحياة المعيشية والاوضاع الاقتصادية الاجتماعية.
وكان الاجدر هو مشاركة الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق (ليس المهم في الاسم حيث هناك اكثر من اتحاد بهذا الاسم او قريب منه ) في هذه الانتفاضة والتنسيق مع القوى المشاركة بها. خاصة وان تأثيرات العوامل الاقتصادية الاجتماعية كبيرة على عوائلهم ويعيشون في ظروف غاية في الصعوبة وبعضهم يعيشون في العشوائيات بدون مستلزمات الحياة الطبيعية . (يقول الرفيق فهد في كتاباته (ان ثقل الازمات يقع على كواهل طبقة العمال والكادحين ويدفع العمال ثمنه...ص 212 ويضيف على النقابات ان تكون ان تعتمد على الطبقة العاملة عليها ان تجند العمال وتزجهم في المعركة ضد البطالة....(من كتابات الرفيق فهد)213
ان مشاركة الطبقة العاملة صاحبة المجد والتاريخ الطويل في الانتفاضات والتظاهرات ، كان لها الاهمية الكبيرة في التأثير على مجريات الامور وحسمها باتجاه تطوير الانتفاضة ، حيث يتطلب من النقابات الثورية والغير مهادنة على حقوقها دعوة العمال في المؤسسات والمعامل في القطاع العام والخاص للمشاركة في الانتفاضة ورفع الشعارات المطلبية والوطنية وضد الفساد والمحاصصة والتزوير والتسلط وغير ذلك ، والذي جعل البعض من ابناء شعبنا يعيشون تحت هوان الذل لانهم يطالبون بحقوقهم الطبيعية .
ان عدم مشاركة الطبقة العاملة ونقاباتها في هذه الانتفاضة اضعف من دورها في التاثير على الحكومة المتسلطة ، واعطاها التقديرات ان الانتفاضة لم تستمر لان عوامل الدعم والمساندة ضعيفة خاصة من القوى الوطنية والداعمة الى انتفاضة تشرين.
وهناك عوامل اخرى ان الحكومات المتعاقبة كان لها دور في تفتيت اتحاد نقابات العمال باساليب المراوغة وتقليل دورها من خلال الممارسات الغير قانونية وعدم اعطائه الدور الحقيقي في المشاركة في التخطيط وقيادة التنظيم العمالي بشكل مستقل برغم صدور قوانين العمال المختلفة .اضافة الى ان الحكومات لم تعمل على تاهيل القطاعات الانتاجية من المعامل المصانع والمؤسسات القديمة او في تشجيع المشاريع وبناء معامل جديدة للتخفيف من مشكلة البطالة ورفع من مستوى الانتاج والتطور الذاتي لها.وهناك عوامل اخرى نحن ليس بصددها ، منها التخريب المتواصل في الهياكل الارتكازية والخدمية.