[1]
يترقب العالم باهتمام وقلق شديد الحرب التي اندلعت بسبب سعي امريكا لتوسيع حلف الناتو ليصل الى حدود روسيا الاتحادية ، حيث تخطط الادارة الامريكية أن تضع صواريخها النووية على الحدود التي تفصل اوكرانيا عن الاراضي الروسية ،ذلك منذ الانقلاب على رئيسها المعتدل عام2014 وصرف ملايين الدولارات للمجيء بالممثل الكوميدي اليهودي الاصل فلاديمير زيلينسكي على رأس جمهورية اوكرانيا ، ليهيئ الاوضاع السياسية لدخول اوكرانيا حلف الناتو، بعد أن احاطوه بطيف من الاوليغاركية الموالين للغرب ، وقطعان منفلتة من النازيين الجدد ،وفي مقدمتهم أوباش كتيبة اُزوف التي ترعاهم الدولة وتستخدمهم في الهجمات على الناس والمجمعات الروسية وواحدة من اعمالهم المسيئة هي تهديم وازالة تماثيل فلاديمير البيتش [لينين] قائد ثورة اكتوبر الذي رص وحدة الاوكرانيين والروس بعد ان كانوا يعيشون في محيط يهودي بين حدود بولونيا والمجر وبلاروسيا ، وجعلهم جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي ال15 ونقل اربع تجمعات صناعية كبيرة الى أوكرانيا لقربها من اوروبا ، وعزز كل ما يرصّْن العلاقة التاريخية بين روسيا واوكرانيا ، رغم ان القومية الروسية تكّون قرابة 30%من سكان أوكرانيا ، كما ان زعيم الحزب الشيوعي السوفيتي نكيتا خروتشوف الذي جعل منطقة القرم الروسية ضمن اراضي اوكرانيا، والزعيم الذي تلاه في الحكم للجمهوريات السوفيتية ليونيد بريجنيف ومن ثم تشيرننكو ، كلهم من أوكرانيا قادوا الاتحاد السوفيتي لمدة 32 عام ، بروح اُممية واخلاص للوطن ، حلما كان الاتحاد السوفيتي تقطنه 82 قومية منتشرة في ربوع 15 جمهورية اتحادية ، بيد ان هذه الحقبة الزمنية لا يمكن تبرئتها تماماً في من ظهور نزّْعات وميول قومية في هذه الجمهورية أو تلك ، لاسيما جمهورية أوكرانيا التي يتدين قرابة 40% من مواطنيها بالديانة اليهودية ، حيث تجذرت النزعات القومية المتطرفة ونشأت بأثرها قوى نازية وفصائل سرية مسلحة ومنها عصابة سيبان باندرا التي قتلت كثير من الشخصيات والوجوه المعروفة من المواطنين الاوكرانيين من القومية الروسية ، وساعدت القوات الهتلرية في حربها ضد الجمهوريات السوفيتية .
واليوم تؤكد دولة اسرائيل عنصريتها بأرسال مجاميع المتطرفين الشوفينين اليهود ، للحرب في أوكرانيا ضد الجيش الروسي ، وبالمناسبة ان اشهر قادة اسرائيل الصهاينة هم من اوكرانيا ،كولدا مايير ،موشي شاول ، اسحاق رابين امه اوكرانيه وابوه من بلاروسيا اسحاق شامير من المنطقة البولونية المحاددة لأكرانيا ، المهم ان دولة الصهاينة ذكّرت بموقفها الشاجب والمستنكر للاتحاد السوفيتي ، عندما نشر بعض الصواريخ النووية في جمهورية كوبا عام 1962 رغم ان كوبا في الجهة الثانية من البحر وتبعد 96 كيلومتر عن سواحل امريكا ، لكن الادارة الامريكية جن جنونها ، واخيراً قبلت بمقترح خروتشوف بأن تسحب صواريخا النووية من ايطاليا وتركيا مقابل سحب السلاح النووي من كوبا .
[2]
تعيش البشرية اليوم في معاناة وضنك العيش وفقدان العدالة الاجتماعية بسبب سيادة نظام رأس المال الذي تقوده ا لولايات المتحدة الامريكية ،وتصيغ كل سياساتها الداخلية والخارجية لخدمة هذا النظام وتلبيةً لحاجاته ومتطلباته ،وهذه السياسة هي ليس تعبير عن مصالح الشعب الامريكي كما يصورها الاعلام [مصالح أمريكا] ، وانما هي في الحقيقة والواقع تعبير محور عن مصالح الاحتكارات وشركاتها العملاقة ،لأن هذه السياسة لا تصوغها مكاتب سياسية أو اعلامية في الادارة الامريكية او مكاتب تابعة للكونجرس وانما الادارة ومجلس النواب هما ادوات تنفيذية عليهم ايجاد السبل والوسائل والطرائق والمسوغات ، لتطبيق ما يصل اليهم من اوامر وتعليمات ، من البيت الرمادي اللون الذي يقع بالقرب من بناية البيت الابيض ، الذي يتربع فيه الموظفون الغامضون مكاتب البنك الفدرالي الامريكي حيث المليارديرات الامريكان الذين يتحكمون بحوالي 320 من أكبر الكار تلات متعددة الشركات والانتاج في العالم ، يحكمهم جميعاً قانون الربح الطردي فقط ولا غير ، ولا يتقيدون بمفاهيم الاخلاق والدين والعدل والحق والمواطنة والسيادة الوطنية والشرف والكرامة والإخاء والايثار، ولا يتعاطفون او يكترثون بما يصيب الشعوب من فقر وعوز ولا يحترمون القانون حلما يتعارض مع مصالحهم الاقتصادية ،بل ويسحقون عليه تحت أقدامهم ، إلا انهم يتنافسون من خلال تطوير منتجاتهم للاستمرار في حصد وزيادة الارباح وفي اثناء المنافسة يطرقون عدة طرق ، ويتوسلون شتى الوسائل من التآمر الى القتل وهذا امرٌ تجبرهم عليه طبيعة حركة رأس المال وهم غير مخّيرين في ذلك ، لأنه من دون الربح يكف رأس المال ان يكون رَأس مال ، كما يقول كارل ماركس ، وفي هذا الاطار وسياقاته تُرسم الخطط والبرامج وتسن القوانين لخدمة النظام الرأسمالي وتدار الدول والمجتمعات وفقاً لمصلحته .
ومن هنا فقط يمكن للمرء أن يعي ويفهم ، أن حرب امريكا زعيمة نظام رأس المال ضد روسيا هوَ ناتج طبيعي لسياسة الرأسمالية الهادفة دائماً الى تأمين وزيادة ثروة اصحاب رؤوس الاموال وبكل الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة ، بغض الطرف عن العواقب الاجتماعية المدمرة . لذلك سيكون انتصار روسيا في الحرب ضد حلف الناتو ، سيكون فتحاً كبيراً في جدار الرأسمالية ، يهيئ الاجواء لتتجاسر الشعوب وحركاتها الثورية على الغول الرأسمالي وكسر هيبته وتقزيمه حتى يقرّ بالواقع ويعترف في حق الشعوب بالعيش الكريم .
الأمر الذي يفسح المجال في تسوية الخلافات الدولية بالطرق السلمية بعيداً عن طرق امريكا العسكرية ومؤامراتها في خلق بؤر التوتر والحروب خدمةً لمصالح احتكاراتها العسكرية والمدنية ، كما يجري تنشيط دور الامم المتحدة والهيئات الضابطة للسلم والامن وكل حركة المجتمعات ، وينمي نزعة التضامن الاممي والتأخي بين الشعوب لتقوى إمكانية معالجة الكوارث الطبيعية ، وبقدر ما يتعزز ويتوطد التضامن الاممي يفضي إلى ترصّين السلم الدولي وتقوية نزعة التخلي عن التسلح التدريجي حتى التخلص من كل وسائل القتل بعد ان تنتهي مظاهر قتل الانسان لأخيه الأنسان ألي الابد ، عموم الحال الذي يعني ماهي أهمية انتصار روسيا في حربها ضد أمريكا على الارض الاوكرانية .