شناشيل -ليستْ دولة.. إنّما شُبِّهَ لنا .. ! / عدنان حسين     

"هل لدينا دولة في الأساس ؟!".

بهذا السؤال ختمتُ عمود أمس. هو سؤال قائم منذ خمس عشرة سنة، ويبدو أنه سيظل هكذا ربّما لخمس عشرة سنة أخرى، فجماعات الإسلام السياسي الحاكمة كلّ هذا الوقت والفاشلة كل هذا الوقت، متشبّثة بالحكم برغم  كل هذا الفشل.

نعم، ليس لدينا دولة وإنّما شُبِّهَ لنا .. فما مِنْ دولة في العالم، حتّى المتخلفة منها، ليس فيها نظام مرور مثلاً .. في "دولتنا" فقط لا ترى أي أثر لنظام المرور في شوارع المدن وساحاتها وعلى الطرق الخارجية. لا سائقو السيارات والدرّاجات ملتزمون بنظام، ولا السابلة متقيّدون به، ولا شرطة المرور عاملون على فرض التزامه والتقيّد به، ولا إشارات المرور الضوئية لها نظام ..!

دَعكم من نظام المرور وقانون المرور وأهل المرور .. إليكم قصة من مليون قصة وقصة في عراقنا "الجديد" ممّا يوثّق ويؤكد ويُثبت أن جماعات الإسلام السياسي، بعد خمس عشرة سنة من حكمها، لم تنشئ دولة، ولن تنشئ.

استاذة جامعية يشهد لها زملاؤها بكفاءتها وبسيرتها الحميدة.. شخصياً لا أعرفها، لكنّ اصدقاء تداولوا في الأيام الاخيرة قصتها، وستدركون لاحقاً سبب الاتيان على هذه القصة.

الدكتورة ماجدة سعد محمود، أستاذة النقد الأدبي الحديث بكلية الآداب في جامعة بغداد، أمضت في خدمتها الجامعية خمس عشرة سنة تحلّت خلالها بالسمعة الطيبة كأستاذة مقتدرة بشهادة زملائها، ومنهم الشاعر المعروف الدكتور محمد حسين آل ياسين، لكنّ كلّيتها فصلتها في العام 2007 بسبب تغيّبها سبعة أيام. هي انقطعت عن الدوام بسبب تهديدها وعائلتها طائفياً بالقتل، فاضطرت لأن تلزم البيت خشية من تنفيذ التهديد. وقد أعيدت الى الوظيفة ، نظرياً، في العام التالي تنفيذاً لأمر وزاري قضى بإعادة المهجّرين قسرياً إلى وظائفهم بصرف النظر عن الملاك والتخصيص المالي، بيد أن عمادة الكلية رفضت تنفيذ الأمر، فكان أن انضمّت هذه الاكاديمية المرموقة منذ ذلك الوقت الى جيش العاطلين عن العمل المتفاقم في عديده.

ربما ما كنتُ سآتي على ذكر قصة الدكتورة ماجدة الشبيهة، كلاً أو جزءاً،  بآلاف القصص، لو لم أطّلع أخيراً على أحدث تقرير للمركز النيابي العراقي التابع لمؤسسة مدارك لدراسة آليات الرقي الفكري. التقرير ينطوي على فضيحة سياسية كبرى. هي كبرى لأن فيها انتهاكاً خطيراً للنظام الداخلي لمجلس النواب الذي يحكم بانهاء عضوية النائب واحلال شخص آخر محلّه عندما تتجاوز غياباته عن جلسات المجلس نسبة الثلث. التقرير يفيدنا بأن 15 نائباً من مختلف الكتل تراوحت نسبة غياباتهم في الفصل التشريعي الأول للسنة الرابعة للدورة الانتخابية الثالثة (للمدة بين 4/7/2017 و27/11/2017)  بين 35 و88 بالمئة! بيد أن رئاسة البرلمان المكوّنة من الرئيس سليم الجبوري ونائبيه همام حمودي وآرام شيخ محمد، قد حنثت بالقسم ولم تلتزم بما يُمليه عليها النظام الداخلي، فكان أن ظلّ هؤلاء النواب الخمسة عشر يتمتّعون بكامل الصلاحيات والامتيازات، ومنها الغياب من دون محاسبة، كما لو أنّهم يؤدّون مهامهم وواجباتهم على أفضل ما يكون!. بالطبع وراء ذلك مصالح سياسية وغير سياسية لأعضاء هيئة الرئاسة وكتلهم التي تقدّم مصالحها على مصالح الشعب والوطن.

استاذة جامعية مرموقة تتغيب أسبوعاً واحداً فقط رغماً عنها في زمن التصفيات الطائفية فتُفصل من وظيفتها فيما خمسة عشر من أعضاء مجلس النواب يغيبون آماداً طويلة فيُكافئوا بأخذ التحية لهم ..!!

ألَمْ أقلْ إننا ليست لدينا دولة وإنّما شُبّه لنا ..!!