المقال يتضمن محورين؛ المحور الأول عبارة عن ردّ مختصر على تلفيقات د. محمد جواد فارس دون سند أو دليل أو مصدر، وأنا كنت قد تعاهدت مع بعض الأصدقاء والأخوة أن لا أرد على أي مقال له، لكن التهديدات التي وصلتني من قبل معارفه في مدينة الحلة دعتني للرد، والمحور الثاني؛ هو توضيح للقراء واقع حال حركة المنبر الشيوعي، وانشقاقها عن الحزب ومعاداة اعضاء الحركة لهم وفق المصادر.

المحور الأول:

بعد الضغوطات التي مارسها محمد جواد فارس من خلال ارسال بعض معارفه ومنهم: (أم... ؟؟؟؟؟) مقابل أن لا يكتب من افتراءات عني، وعندما يأسَ من سحب مقالي (مذكرات الدكتور محمد جواد فارس في نصف قرن من التخبطات) والذي نشر في أكثر من عشرة مواقع الكترونية، كتب الدكتور فارس مقاله تحت عنوان (رد على ما كتبه نبيل الربيعي من مغالطات واساءات على ما كتبته في كتابي الموسوم.. نصف قرن في رحاب الحركة الشيوعية!) المنشور على موقع تللسقف وساحة التحرير، وهو يكيل التهم جزافاً دون دليل بسبب افلاسه، مع العلم أني كتبت مقالي استناداً على ما ذكره في مذكراته الصادرة عن دار الرافدين (نصف قرن في رحاب الحركة الشيوعية) بواقع (186) من الحجم المتوسط، وقد أكد فيها من خلال صفحات الكتاب (ص116-117) زيارته للعراق أبان حكم البعث من خلال دعوة قيادة البعث العراقية مع عبد الجبار الكبيسي وفاضل الربيعي وعوني القلمجي ولبيد الصميدعي، وعامر الذرب{1}، واتصاله بالقيادات العراقية أمثال طارق عزيز وعزت إبراهيم الدوري وحميد سعيد والمسؤول الأول عن المخابرات طاهر الحبوش، وذكر في (ص121-122) تحالفهُ مع جناح محمد يونس الأحمد{2}، وهو تحالف قتل آلاف العراقيين بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م من خلال المفخخات داخل المدن العراقية، وهي جريمة يحاسب عليها القانون العراقي. كل ما قام به من عمالة للمخابرات العراقية ونظام صدام ومحمد جواد فارس يعتقد أنه بريء براءة الذئب من دم يوسف. فضلاً عن دور الدكتور فارس البطولي في حركة المنبر الشيوعي.

المحور الثاني:

نعود لتدوين دوره البطولي في حركة المنبر الشيوعي، التي انبثقت من داخل الحزب الشيوعي العراقي، ولاحقاً وقبل حلّها عرفت بـ"المنبر الاشتراكي الديمقراطي العراقي{3}. في تلك الحقبة من محاولة الانشقاق وتغيير مسار الحزب الشيوعي العراقي واغلب اعضاء هذه الحركة من المنفيين خارج العراق، حققوا العديد من الاجتماعات والمناقشات بين جماعات منفصلة ومطرودة من الشيوعيين المنفيين لتنظيم اجتماع حزبي داخلي. المشاركون (في النقاشات) بالأساس كانوا من (الكادر المتقدّم بما فيهم باقر إبراهيم وعامر عبد الله وحسين سلطان وماجد عبد الرضا ومهدي الحافظ ونوري عبد الرزاق وعبد الحسين شعبان وناصر عبود وعبد الوهاب طاهر وخالد السلام وأحمد كريم ومحمود البياتي وعلي عبد الرزاق وعبد اللطيف الراوي وعلي حنوش وكاظم الموسوي وعلي عرمش شوكت وصلاح مهدي ود. محمد جواد فارس وساهرة القرغولي ورحيمة السلطاني وعباس عبيد وخليل الجزائري وعبد الباقي شنان وعصام الزند وليث حميد وضياء خوجه نعمه وفاضل الربيعي وجمعة الحلفي وطلال شاكر وموسى السيد وخير الله سعيد ومحمود عبد الكريم وآخرين من المثقفين. ومع الوقت وبعد نقاشات كبيرة، تأسست حركة المنبر الشيوعي في عام 1987م "بعد اجتماع الستة في براغ". والأعضاء الستّة هم: نوري عبد الرزاق ومهدي الحافظ وماجد عبد الرضا وخالد السلام وأحمد كريم وعبد الحسين شعبان{4}. واستمرت المنبر في جذب العديد من الأدباء والفنانين من العراقيين في بلدان المنفى وكذلك من كردستان){5}.

استمرت حركة المنبر الشيوعي ثلاث سنوات ونيّف منذ بيانها الأول "التأسيسي" الذي جاء على أعقاب تطور الوضع في العراق، لاسيّما محاولات إيران لاختراق الأراضي العراقية، وقد استمرت صحيفتها "المهاجرة" من فيينا إلى بيروت ومنها إلى براغ، فلندن في الصدور، أي أنها من الناحية العملية كانت حاضرة في عامي 1987م و1988م وعقدت كونفرنسين كان الثاني في (آب/أغسطس) 1988م وقد شهد صراعاً بين أقطابها، لاسيما بُعيد غزو القوات العراقية للكويت، حيث كان الاتجاه الغالب ضد الغزو يدين نظام الحكم الدكتاتوري، الذي ورّط البلاد بحرب جديدة ستكون نتائجها كارثية على العراق. لم تستطع حركة المنبر بعد ذلك استيعاب المتغيرات الجديدة، سيّما بعد غزو الكويت، وقد استنفذت أغراضها، سيّما بعد اختراق قياداتها التي هي الأخرى عانت من مشكلات القيادات التقليدية، بل من بعض أمراضها، وتقرر تدريجياً وقف العمل والنشاط والإبقاء على علاقات الصداقة والرفقة بين أطرافها ولكل ظروفه وهذا تقييم بعض قادتها. وهكذا انتهت أخطر حركة انشقاقية في تاريخ الحزب، ولم تسلّط عليها الأضواء الكافية ولم تدرس ولم يتم نقدها على نحو منهجي وفكري، بعدما تركت أثر في التبعات مع قادة نظام صدام ومخابراته، لكنها تبخّرت بسرعة. و(مرّة أخرى نعود إلى دور القيادة وكفاءتها وتوازنها وتفاهمها وإرادتها السياسية، تلك التي لم تتوفر لا في القيادة الشيوعية التقليدية ولا في الحركات التي انشطرت عنها لا في السابق ولا في الحاضر){6}.
 
 

المصادر

1- محمد جواد فارس، نصف قرن في رحاب الحركة الشيوعية، دار الرافدين، بيروت، ط1، حزيران 2023، ص116-117.

2- المصدر نفسه، ص121-122.

3- باقر ابراهيم، مذكرات باقر ابراهيم، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 2002، ص 266.

4- طارق اسماعيل. جماعة المنبر والحركة الشيوعية العراقي: قراءة تاريخية- راهنة لبعض أجنحة الحركة الشيوعية، الحوار المتمدن، العدد: 4921، 10/9/2015.

5- المصدر نفسه.

6- المصدر نفسه.