لازلت اعيش معك وكأنك لم ترحل، استعيد صوتك المسجل على اشرطة كاسيت واقرأ رسائلك ويومياتك التي احتفظ بها جميعا ولا يمكن لذاكرتي ان تعلن غيابك، فانت تسكن عقلي وروحي يا ابا ظفر
اغمضت عيني لاعيد الزمن للوراء وصارت ضربات قلبي تتسارع وذرفت الدمع على حياتي السابقة معك وفي يدي الان رسالتك التي ارسلتها بتاريخ 25 ايلول قبل استشهادك بيومين واليوم تمر الذكرى الاربعون على استشهادك ، والتي تقول فيها :
" ان الرائع والاصيل في حبنايا حبيبتي ، هو اننا استطعنا نحن الاثنان، انت وانا ان نحافظ في زمن الفراق او اللقاء ، على معادلة حياتنا بين ماهو خاص بشخصينا، حبنا ، وبين ما هو عام بمبادئنا السامية التي نومن بها ونناضل في سبيلها، فان اكون حبيبا وزوجا وابا و بنفس الوقت عضوا في حزب شيوعي يناضل في أصعب الظروف ، وان أودّي مهماتي بكفاءة ونجاح في كلا المجالين..فذلك ليس بالامر السهل في مثل هذا ألزمن الرديء ، فهو يتطلب قدرا كبيرا، بل رسوخا في القناعة والصدق والأخلاص والتضحية، واذا كنت اعترف بذلك، فاني اعترف ايضا بان القسط الاكبر في ذلك يعود لك ، لشخصيتك .. فانا احسد نفسي على اني التقيتك واحببتك وتزوجتك وانجبت منك. فاليك يا حبيبتي أحني راسي اكبارا لصبرك واخلاصك لحبنا ومبادئنا السامية .."
رحلت يا أبا ظفر ولم يبقى منك غير عطر الماضي ،الماضي المكتنز بمحبة الناس والممتلي بمودة الرفاق الاوفياء وباستذكارات الاصدقا المخلصين ويبقى منك ذلك الإرث النبيل من الوطنية الحقة والانسانيةوالقيم العظيمة.
استشهدت يا ابا ظفر وانت تهتف للحياة والحب والشعب والقضية التي ناضلت من اجلها والفكر الذي حملته.
ذكراك باقية يا حبيبي ، فانت القدوة لانك تتسم بالبساطة والتواضع ، الدقّة والالتزام ، الحيوية والهدوء والقدرة على فهم الاخر والتعامل الواعي معه . انت رمزا للانسانية ورغم انك لا تجيد اللغة الكردية، لكن بطيبتك وانسانيتك وتواضعك استطعت ان تكسب حب سكان القرى الذين لا تتوانى في تقديم المساعدة لهم
من استذكارات الرفاق عنك
"دافئ وقوي مثل نسر، مقدام حد الموت. عندما تتفحص عيناه تشعر بالثقة والاطمئنان وتلاحظ انك امام مشروع شهيد،حي او ميت لاسمه رهبة الابطال ،' نموذج خاص للرجال الواثقين . هاوري (رفيق ) ابو ظفر هكذا يناديه الفلاحون الاكراد وهو يحمل حقيبته الطبية ( العليجة ) ويجول القري والقصبات، يعرفه الخابور ودجلة والفرات. يكتب عن الحب ويحمل صورة زوجته ورسائلها في صدره "
عبد الحسين شعبان
" ..حتى الاخرون لم يجدوا صعوبة في معرفة جوهر ومعدن هذا الانسان ، لذلك كانوا يكنون له كل الحب والاحترام. صفاته كانت تبرز بشكل جلي لمن حوله من خلال طيبته وعلاقاته الحميمة ومن خلال الخدمات والعون التي يقدمها لهم)
عادل امين.).
سيرة المناضل والانسان الدكتور ابو ظفر' سيرة استثنائية بكل المقايس،فقد وازن الرجل بين عقله وقلبه موازنة يندر تكرارها، اذ كان ذكيا ومجدا في دراسته واختصاصه كطبيب ، ولماحا و واضحا في طرح افكاره السياسية والنظرية، وفي ابتكار المتجدد و الواقعي. كماكان الى جانب عقله الرصين والمتماسك هذا،رجلا عاطفيا يمتلك قلبا طفوليا عامرا بحب زوجته وظفر ويسار ورفاقه و مرضاه وكل المحيطين به، وهو بين هذا العقل الرصين والثاقب، و هذاالقلب الرقيق والمرهف، كان يشع بصفات رجولية اصيلة، تتمثل بالشجاعة والجرأة والصدق والابوة والصداقة الحقة . كان محبا ولها يقترب في هيامه بزوجته من العذرية والنقا المثالي وكان ابا نموذجيا يحمل لظفر ويسار مشاعر قديس ينشد لأبناءه الامن والسلام والغد المشرق السعيد. '
داود امين. ( ابو نهران. )
المجد والخلود لك يا ابا ظفر. . الموت مات وانت لم تمت