في عراق ما بعد 2003، بدأنا نلمس تدريجيًا مسارًا خطيرًا نحو تذويب الهويات القومية لمكوناتنا الأصيلة، وعلى رأسها الهوية الآشورية، داخل قالب ديني طائفي يُسمى "المكون المسيحي".

أين الخطأ؟
لم يعد يطلب منا أن نُعرف كـ "آشوريين" أو "كلدان" أو "سريان"، بل ببساطة كـ "مسيحيين". الدين صار بديلاً عن القومية، وكأننا طائفة ملحقة بالهوية العربية أو الكردية، لا شعبًا أصيلًا له لغته وتاريخه وثقافته وحقوقه السياسية.

آخر الأمثلة الصارخة:
في إعلان رسمي من مكتب حركة بابليون / قره قوش، يُطلب من الراغبين بالتطوع أن يملؤوا استمارات تحمل خانة القومية مسبقة التحديد بـ"عربي"!
أين اختفى اسم الآشوري؟ الكلداني؟ السرياني؟
من سمح بهذا التزييف المتعمد؟ ومن يقبل أن يُختزل تاريخه بـ"مسيحي عربي"؟

هذا ليس مجرد خطأ إداري.
إنه نهج مستمر:

  • تهميش للغة السريانية في المؤسسات التعليمية.
  • إقصاء للتمثيل القومي في مفاصل الدولة.
  • دمج في مؤسسات أمنية بصفة "مسيحي"، لا كجزء من قومية أصيلة.

هذا التوجه لا يخدم التنوع ولا يعزز المواطنة، بل يُجهّز لمحو اسمنا من الوجود السياسي والإداري والثقافي، ويحولنا إلى طائفة خاضعة للمحاصصة، لا شعب له حق تقرير المصير.

نرفض اختزالنا بـ"المسيحيين".
نحن أبناء حضارة، ولسنا فقط أتباع دين.
نحن الآشوريون، الكلدان، السريان – شعوب ناطقة بالسريانية، جذورها ضاربة في أرض الرافدين منذ آلاف السنين.

آن الأوان أن نقف معًا، بعيدًا عن الصراعات الكنسية والسياسية الضيقة، ونطالب بـ:

  • الاعتراف الرسمي بالقوميات الثلاث كقومية موحدة (أو متعددة ضمن وحدة حضارية).
  • إعادة الاعتبار للهوية القومية في جميع المؤسسات.
  • رفض إدراج "عربي" أو "كردي" أو "مسيحي" كهوية مفروضة.

لنبقَ أمناء لذاكرتنا، لا مجرّد أرقام في سجلات تجنيد بلا ملامح.

وردا البيلاتي