عوامل موضوعية كثيرة ومعروفة، داخلية وخارجية، ساهمت في عدم نجاح حزبنا والتيار المدني في الوصول الى قبة البرلمان العراقي، لكن بالتاكيد هناك اسباب ذاتية، لعبت الدور الأرس في تراجعنا، وتحتاج الى دراسة شاملة وجذرية.
سمعنا من الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب، ورفاق اخرين في قيادته، بأنّ المراجعة ستحصل، وان الحزب سيقيّم اداءه ويعيد النظر في آلياته. لكن اي تقييم، واية مراجعة قادرة ان تعيد لحزبنا ألقهُ الذي عاصرناه، والذي مازلنا نحلم به ونعمل على تحقيقه!، علما بأنّ الرفاق، في هزّات سابقة مشابهة، فشلوا في الوصول الى مراجعة جوهرية صادقة.
ولكي لا يجرفنا تيار تقييم وتقويم الذات بعيدا عن واقعنا العراقي والاقليمي والعالمي، علينا ان نوازن بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي، ونحرص على فهم ارتباطهما، من دون ان يعفينا ذلك من اداء مهمة عسيرة، ربما هي من اكثر المهمات التي تواجه الشيوعيين مشقة.
اذا كان الحزب جسدا، فالمراجعة المستمرة دورته الدموية التي من دونها سيهمد. لكن من اين نبدأ المراجعة، وماهو الطريق الذي نسلكه من دون ان نقع او نضيع، وماهي المحطات التي نمر بها حسب اهميتها؟، وبالعودة الى تاريخ الحزب وتجارب مناضليه، سنهتدي حتما الى نقطة الانطلاق الاساسية، ألا وهي "التنظيم".
التنظيم الحزبي علم، واحد من علوم السياسة الاهم، وضعه قادة حزبنا المؤسسون في اولويات تفكيرهم، واذا ما قارنا ذلك بما هو عليه تنظيمنا اليوم، حتما سنعرف بأنّ الحزب يعيش (ازمة تنظيمية)، كانت سببا لولادة ازمات عديدة. هذه الازمة ان لم نعترف بها، فلن تكون هناك مراجعة مجدية ابدا!.
الزمن لا يعود، ولن يعود!، كما انه لم يتوقف ولن يتوقف!، نحن في عصر الثقافة الرقمية، وتنظيمنا الحزبي ضلّ يعبر عن زمن (الفالة والمكَوار)!، هذا الفارق الكبير، كان سببا في التفكك، وعدم الانضباط، والتنصل من المسؤوليات، والاداء السياسي الضعيف.
ان الاهداف الكبيرة والتحديات الصعبة، تتطلب المزيد من التفكير المتأمل والمبادرات الشجاعة، كما تتطلب التضامن الرفاقي (قاعدة وقيادة) من اجل ان يستعيد الحزب دوره الجماهيري القوي لا ان يبقى يمثل "الهامش".
17 / 11 / 2025