سوق نخاسة داخل البرلمان العراقي ! / عدنان حسين       

للمرة المئة أو الألف، هذا الفساد الإداري والمالي الذي يعصف بكيان دولتنا وحياة مجتمعنا العراقي طولاً وعرضاً، إنمايستند إلى أساس مكين، هو نظام الحكم المفروض علينا فرضاً بخلاف ما نصّ عليه الدستور.. أما الاشخاص، الفاسدون، فليسوا سوى الناتج الناجم عن هذا النظام.

الدستور الذي صوّت عليه الشعب ينصّ على إقامة نظام برلماني ديمقراطي. في العالم لا توجد صيغ مختلفة للنظام البرلماني الديمقراطي، كما هي الحال في النظام الدكتاتوري. في النظام البرلماني الديمقراطي تكون السلطة العليا في يد مجلس النواب، بوصفه ممثلاً للشعب ومجسداً لمبداً السلطة للشعب. أعضاء البرلمان ينتخبهم الشعب مباشرة ليمثلوه، وهم يدخلون إلى البرلمان بحسب الأصوات التي ينالونها.

نظام الحكم القائم في العراق الآن لا يمتّ بصله لهذا النظام .. إنه يمتّ بصله لنظام آخر، دكتاتوري تسلطي، فالأكثرية من أعضاء مجلس النواب الحالي والذي سبقه والذي سبقهما اختارها زعماء الأحزاب والكتل المتنفّذة في الدولة في عملية احتيال والتفاف مُشرعنة بموجب قانون الانتخابات غير الديمقراطي. هذه الكتل إنّما صارت متنفّذة بفضل الفساد الإداري والمالي الذي يركّز في أيدي هؤلاء الزعماء السلطة والنفوذ والمال.

إليكم أحدث واقعة تجسّد فساد نظامنا السياسي المُنتج على مدار الساعة للفاسدين:

في بيان له، قال النائب الساعدي، عضو لجنة التربية البرلمانية، أمس إن "(النائب) مطشر السامرائي سيتنازل عن مقعده النيابي بحجّة المرض ويأخذ مكانه مثنى السامرائي والذي سيأخذ أيضاً راتباً تقاعدياً من خزينة العراق كنائب سابق"، في صفقة يرعاها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري! واضاف الساعدي أن "مثنى السامرائي لديه ملفات وعقود فساد وخاصة في استجواب وزير التربية التي تثبت تورّطه هو وإخوانه وعائلته بعقود وزارة التربية ووزارات أخرى، وعليه قضايا في القضاء"!

ومطشر السامرائي نائب عن "اتحاد القوى"، وكان قبل أربع سنوات قد وصف العراقيين بأنهم "دايحين" عندما وقف ضد مشروع لالغاء تقاعد النواب.

وقال الساعدي إن "مثنى السامرائي يريد أن يصبح نائباً ليحصل على الحصانه لحمايته من القضاء وهيئة النزاهة التي ستُدينه من خلال استجواب وزير التربية"، محذّراً من أن "هذه الصفقة المشبوهة، إذا تمّت اليوم فهي سُبّه وصفحة سوداء في تاريخ مجلس النواب"، وأضاف: "المصيبة أن المرشح الذي يأتي بعد النائب مطشر السامرائي أيضاً تنازل الى مثنى عبدالصمد السامرائي، يالها من صفقة مفضوحة".

حتى في بلد شديد التخلّف ومُفتقد الدولة، كالصومال أو أفغانستان، لا يمكن تخيّل حدوث أمر كهذا .. العراق وحده "جدير" بعملية فساد من هذا النوع، فلم يبق نوع من الفساد لا يعرفه العراق الذي ما من بلد غيره شهد الاستهانة السافرة بالقيم الوطنية الى أبعد الحدود، إن في عهد النظام السابق أو في عهد النظام الحالي، الفاسد إلى النخاع والمولّد لكل أنواع الفساد ولكل أصناف الفاسدين.

نظامنا فاسد. فساده زاد عن حدّه كثيراً. ما من طريقة لمكافحة الفساد غير إطاحة نظام المحاصصة الذي أوجدته الطبقة السياسية الفاسدة لحماية فسادها ولضمان ديمومة هذا الفساد.