دولة أم كيان مافياوي..؟ / عدنان حسين                                     

قرار مجلس الوزراء بفصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل وإلحاقها بمجلس الوزراء يبدو هروباًً الى الامام من حلّ مشكلة نشأت بين رئيس مجلس الوزراء ووزير النقل.

في الأيام الماضية علمنا ممّا نُشر في وسائل الاعلام، وبينه كتب رسمية متبادلة بين الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة النقل وتصريحات إعلامية، أن وزير النقل قام بنقل مدير عام سلطة الطيران من منصبه وتعيينه في وظيفة مدير عام مؤسسة نقل المسافرين والوفود وتعيين مدير هذه المؤسسة مديراً عاماً لسلطة الطيران المدني. وزير النقل قدّم ما يبدو أنه سبب منطقي لإجرائه، فمدير عام سلطة الطيران المنقول الى نقل المسافرين والوفود لا علاقة له من قريب أو بعيد بالطيران، فهو يحمل  الدبلوم الزراعي في الانتاج الحيواني وشهادة بكالوريوس في الآداب، بحسب وزارة النقل، فيما مدير عام نقل المسافرين والوفود المنقول الى سلطة الطيران هو مهندس طيران.

الوثائق المنشورة ( الكتب المتبادلة بين الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة النقل) أوضحت أن الأمانة العامة اعترضت على قرار  وزير النقل بإجراء عملية التبادل بين المديرين العامين في وزارته، معتبرة ان الأمر من اختصاص الحكومة ورئيسها. الوزير ردّ بأن هذا الامر هو من صلب اختصاصه ووزارته.

يبدو أن رئيس مجلس الوزراء وجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه، بعدم استطاعته الردّ على منطق وزارة النقل ووزيرها بمنطق أقوى، فقرر الهروب الى الامام بانتزاع سلطة الطيران المدني من وزارة النقل وإلحاقها بمجلس الوزراء، أي برئيس الحكومة والامانة العامة لمجلس الوزراء.

نحن لم نسمع من مجلس الوزراء ورئيسه ما يُقنع بأن موقفهما ليست وراءه دوافع شخصية أو سياسية. من الطبيعي أن تكون سلطة الطيران المدني تابعة لوزارة النقل كما هي سلطة الموانئ وسلطة السكك الحديد وسلطة نقل المسافرين وسواها.

مجلس الوزراء برّر انتزاع سلطة الطيران من وزارة النقل بمنح هذه السلطة صلاحيات أوسع ومنع فرض عقوبات دولية على سلطة الطيران مجدداً.. أمر جيد... لكن السؤال : إذا كان هذا هو السبب الحقيقي وراء قرار مجلس الوزراء، لماذا لم يُتّخذ قبل الان، قبل نشوب الخلاف بين رئيس مجلس الوزراء ووزير النقل بشأن المناقلة بين مديري الطيران المدني ونقل المسافرين ؟

قيل قديماً: حدّث العاقل بما لا يُعقل فإن صدّق فلا عقل له.

برغم كل المحن التي مررنا بها نحن العراقيين فان نسبة كبيرة منّا لم تزل تحتفظ بعقل سليم.

مجلس الوزراء ورئيسه والامانة العامة لمجلس الوزراء عليهم أن يدركوا هذا تمام الإدراك، فلا يتعاملوا معنا بعيداً عن الشفافية.

نحن مفترضون أننا نعيش في دولة.. من أولى واجبات الدولة احترام مواطنيها وعقولهم .. في عالم المافيات والعصابات هناك ممارسات أخرى.

أفتونا، مأجورين، هل نحن دولة أم كيان مافيوي؟