
كازأويل الكويت يُهيننا ..! عدنان حسين
جزيل الشكر والامتنان لكم، أخوتنا في الكويت، عن كرمكم بتجهيزنا بـ٣٠ ألف متر مكعب من وقود الكازأويل، كدفعة أولى تليها دفعات أخرى في الأيام المقبلة، من أجل "إضاءة ظلام العراق"، كما عنونت إحدى صحفكم بالخط العريض على الصفحة الأولى!
مبادرتكم هذه، أخوتنا، على نبل نيّاتها ومقاصدها، تمثّل إهانة لنا نحن أخوتكم في العراق... إهانة مصدرها حكومتنا التي ستصبّ المبادرة الكريمة في مصلحتها ومصلحة عموم الطبقة الحاكمة الفاسدة، وليس في مصلحة الشعب العراقي.. إنها واحد من أطواق انقاذ صغيرة تبحث عنها هذه الطبقة وحكومتها اللتان تواجهان الآن ساعة الحقيقة بعدما انتفض الشعب العراقي من أجل وضع حدّ لانتهاك حقوقه والتعدّي على كرامته الانسانية على مدى خمس عشرة سنة متتالية.
أخوتنا الأعزة.. الظلام الحالك الذي يخيّم علينا وعلى بلادنا ليس عقوبة من السماء، إنما هو من صنع هذه الطبقة السياسية (الإسلامية) التي عاثت بنا وببلادنا فساداً إدارياً ومالياً وسياسياً وأخلاقياً.
دفعات الكازأويل التي بدأتم بإرسالها إلينا لن "تضئ ظلام العراق"، فما يضيئه هو الخلاص من تسلّط هذه الطغمة الفاسدة المتوحشة التي تكاد أن تتماثل في طغيانها مع طغيان صدام حسين، كما كشفت مرّة جديدة وقائع القمع السافر الذي ووجهت به انتفاضة شعبنا الأخيرة التي لم يكن مطلبها الكهرباء والماء فحسب، بل في المقام الأول الحقوق التي صادرتها أحزاب الاسلام السياسي والكرامة التي انتهكتها على نحو يندر مثيله.
كم ستبعثون إلينا، أيها الأخوة من الكازأويل؟ .. 100 ألف متر مكعب؟ .. 200 ألف؟.. 300 ألف؟.. لسنا في حاجة الى هذا وغيره في الواقع. لدينا مصفاة نفط في بغداد، هي مصفاة الدورة التي تعدّ من أولى المصافي في الشرق الاوسط، بُنيت في العام 1953 وبدأت بالانتاج في 1955 (أي قبل 13 عاماً من بدء الانتاج في مصفاتكم بالشعيبة) ويبلغ إنتاجها 140 برميل يومياً، وتنتج بنزين السيارات والغاز السائل ووقود الطائرات وزيت الغاز والديزل والنفط الخام والشحوم والشمع والإسفلت وغيرها، كما فيها معمل متطوّر لتصنيع والعلب البلاستيكية لتعبئة الزيوت المنتجة ينتج حوالي 80 ألف علبة شهرياً..
ليس هذا حسب، لدينا أيضاً مصفى بيجي في محافظة صلاح الدين، وهو أكبر مجمع لتصفية وتصنيع النفط في العراق، يخرج منه ثلث انتاج المصافي العراقية، تبلغ طاقته الانتاجية 15 مليون طن سنوياً من المشتقات النفطية، وتبلغ طاقة التكرير 310 آلاف برميل يومياً، وهو الذي أهدته حكومتنا السابقة الى داعش في العام 2014 .. أقول "أهدته" لأن التنظيم الارهابي
استولى عليه، كما على ثلث مساحة البلاد، من دون قتال!
ليست لدينا، أيها الأخوة، مشكلة في انتاج النفط أو المشتقات النفطية، وأزمة الكهرباء لدينا ليست لها علاقة بالنقص في انتاج المشتقات النفطية .. علاقتها المباشرة بالفساد الإداري والمالي الذي ابتلع عشرات مليارات الدولارات المرصودة في الموازنات العامة لبناء شبكة محطات لانتاج الكهرباء.. اختفت تلك المليارات بفعل سحر سحرة الاسلام السياسي، فكان أن حلّ في بلانا الظلام الذي لن يضيئه نفط الكويت كله ولا نفط العراق كله.. ما يضيئه هو الخلاص من سحرة الإسلام السياسي البارعين في إخفاء مليارات الدولارات في غمضة عين!
شكراً لكم أخوتنا في الكويت ورايتكم بيضا، وانشالله ما تشوفون شرّ مثل الذي عندنا .. رجاءً اوقفوا الإهانة لنا بوقف تجهيز حكومتنا بالكازأويل الذي من المتوقّع أن يختفي نصفه في الأقل في غمضة عين بفعل سحرة الإسلام السياسي ويباع في السوق السوداء، والبيضاء أيضاً... دعوا حكامنا يواجهون بأنفسهم المزيد من سخط شعبنا، عسى ولعل أن يدركوا أخيراً أن الله، الذي ينطقون باسمه نفاقاً وبهتاناً، حق..!