شناشيل - وصمة عار أخرى .. للإسلام السياسي / عدنان حسين

نعم ، هذه وصمة عار أخرى في جبين الإسلام السياسي (الشيعي والسني) الحاكم في العراق، بقياداته وعناصره جميعاً وبفكره الذي يتعزّز ويترسخ، في الممارسة العملية، تصنيفه بوصفه فكراً ظلامياً.
في أحدث إحصائية للجهاز المركزي للاحصاء يتبيّن أن نسبة الأمية بين الشباب في العراق (الفئة العمرية 15 – 29 سنة) قد وصلت في العام الماضي الى 8.3 بالمئة (بين الذكور بنسبة 6.5 بالمئة وبين الاناث بنسبة 10.2 بالمئة).
هذه الاحصائية ، كما سائر الاحصائيات التي تعلن عنها أجهزة الدولة بما فيها وزارة التخطيط والجهاز المركزي للإحصاء، لا يعوّل عليها تماماً، فلقد تعوّدنا على اتجاه الاحصائيات الرسمية نحو عدم الدقة لغايات سياسية. هذا يرجع في الأساس الى الفساد الإداري والمالي المستشري في وزارات الدولة وأجهزتها من دون استثناء وإلى تسييس الادارة الحكومية. ومن المستحيل توفير بيانات دقيقة تخصّ أيّ ميدان اجتماعي أو اقتصادي ما لم توجد القاعدة الأساس، وهي الإحصاء السكاني الذي لم يجر في العراق منذ ما قبل 2003 بسبب الموقف المتعنّت لأحزاب الاسلام السياسي بالذات حيال هذا الاستحقاق بدوافع ولأسباب طائفية في الغالب.
ممّا يثير الشبهات القوية في الاحصائية الأخيرة أنه في العام 2015 أعلنت وزارة التخطيط أن نسبة الامية في 2014 بلغت 18 بالمئة. منذ ذلك الوقت حتى اليوم شهد العراق أحداثاً جساماً، بينها اجتياح داعش ثلث مساحة العراق وهو ما دفع بملايين من السكان للعيش في مخيمات النزوح التي افتقدت تقريباً الى خدمات التعليم والصحة فضلاً عن المأكل والملبس. من المفترض أن ذلك قد دفع بنسبة الأمية الى الأعلى وليس الى الأدنى. وقبل ذلك، في العام 2010 الذي اطلقت فيه منظمة اليونسكو ستراتيجية للمساعدة في محو الأمية في العراق، أعلنت المنظمة الدولية أن نسبة الأمية قد ارتفعت في السنوات الأخيرة بين مجمل سكان العراق الى 20 بالمئة، أي ستة ملايين نسمة!
حتى لو كانت مؤشرات الاحصائية الأخيرة للجهاز المركزي للاحصاء متلاعباً بها لجهة التقليل من مستوى الأمية، فإن النسبة المُعلنة مرعبة في الواقع. الفئة العمرية المشار اليها في الاحصائية تشكّل ما نسبته 30 بالمئة تقريباً من مجموع السكان، ونسبة 8.3 بالمئة منها تعني مليون نسمة، ومن المفترض ان نسبة الأمية تكون أكبر بين الفئة العمرية المتراوحة بين 6 سنوات و14 سنة. معنى هذا أن العراقيين الأميين يُعدّون الآن بالملايين وليس بمئات الآلاف.
في غضون عشر سنوات من حكمه محا حزب البعث أمية العراقيين تقريباً، وكان يفاخر بذلك، ففي العام 1979 حصل نظام صدام على جوائز من اليونسكوعن سياساته الناجحة في مكافحة الأمية.
الآن النظام الإسلامي قد عكس الآية تماماً، فالجهل تتصاعد مستوياته، وهذا لا يعكسه مستوى الأمية المرتفع فقط، بل أيضاً النظام التعليمي المتردّي من أدناه (الابتدائي) الى أعلاه (الجامعي بما فيه الدراسات العليا). والواقع أن هذه ستراتيجية أصيلة للإسلام السياسي (الشيعي والسني) الذي يهمّه أن يبقى المجتمع جاهلاً ومتخلّفاً لتأمين سيادة الفكر الظلامي ولضمان السيطرة على المجتمع.