من يتحمل مسؤولية الخروج عن سلمية التظاهر / ماجد زيدان
عملت حركة الاحتجاجات بمبدأ سلمية التظاهر والتزمت به الى حد فاق التوقعات
يضرب به المثل في بلدان اخرى ، فالعراق ظروفه غير طبيعية ومعقدة ولكن نشاط جمهوره منظم عموما ، مرد السلمية التي تمسك بها الناشطون والفاعلون الرئيسيون الى اعتقاد انه النهج الصائب لتحقيق المطالب والاكثر قوة وفيه امكانية ديمومة التظاهر وحشد الناس خلف اهدافهم ومن صلب النظام الديمقراطي ومراعاة لتناسب القوى مع السلطة وتفويت الفرصة عليها لاستخدام العنف وجعلها عسيرة ان ارادت ذلك ، كما ان الخلفيات الفكرية والسياسية للنخبة المحتجة شكلت صمام امان لبقاء المبدأ يعمل .
طبعا هذا لا ينفي ان هناك من حاول ان يخرق القاعدة ولكنها محاولات ضعيفة وعزلت بمهدها ، وهي طبيعية في حراك واسع وامتد الى سنوات ولجمهور فيه فئات شبابية تغلب عليها الحماسة والرغبة في تحقيق نتائج سريعة ، ومن جانب اخر حكومات محلية واتحادية لا تستجيب للمطالب ولا تلبي الحاجة الملحة للمواطنين وينهج مسؤولها سياسية تميزية وفشلت بتطبيق برنامجها واستفحل الفساد فيها .
وهذا النشاط تمت مجابهته بالتضيق عليه وقمعه واستخدام العنف المفرط لتفريقه وصولا الى استخدام الرصاص الحي والتعذيب الذي افضى الى موت بعض المحتجين .
الواقع ان الياس من اصلاح الاحزاب والعملية السياسية وازدياد التدهور في مناحي الحياة وانعدام الافق في تقديم الخدمات والحاجات الاساسية من مياه وكهرباء وغيرهما بشكل مقبول فيما تتمتع قلة قليلة بامتيازات لا تستحقها واستولت على ثروات البلاد وتحاول ابقاء حكمها بطريقة المحاصصة .
هذا وغيره يدفع نحو سلوكيات العنف في المجتمع ، لاسيما ان القوى النافذة تمتلك السلاح وتمنح لنفسها خلافا لارادة المواطنين وظائف الدولة ليس في الخدمات والاعمار وانما في الاكراه ،تحاسب وتحكم على هواها وتعطل اعمال القانون .
هذا الشاب يلتقط العنف مما هو مسلط عليه من بعض الاجهزة ومن سلطة الاحزاب والمنظمات المتطرفة ومن المجموعت الخارجة عن القانون ومن الاحوال الاجتماعية والاقتصادية المزرية .
ان المجتمع كله يعيش في توتر واحتقان حتى انه يتفجر لاسباب تافهة في الحياة اليومية فكيف لهذا المواطن الذي يقمع عندما يعبر عن رأيه ويطالب بما هو من حقه ان لا يثور او يفقد اعصابه وهدوءه .
ليس من السهولة ان يرى المتظاهر صديقا ومشاركا معه في الاحتجاج يصرع برصاص من يفترض ان يحميه الذي غير انه يستهين بحياته ويكون هادئا ويسيطرعلى اعصابه في الوقت الذي تفتقد التطبيقات والحلول الجدية لمشاكله ويشعر انه يتكرر خداعه ..
ومع ذلك اصدرت تنسيقيات التظاهرات والاحتجاجات بيانات وتعليمات لمن لها علاقة والجمهور بهم لتوخي الحذر والوعي بما في ذلك الانسحاب من ساحات التظاهر لتجنب مما يدبر والاحتكاك مع الاجهزة الامنية والقوى الحزبية التي هددت بضرب المتظاهرين بعد ان عجزت عن استثمار نشاطهم وتوظيفة لاهدافها السياسية والمصلحية الضيقة .
ولكن هذه الفعاليات الاجتماعية المدنية لم تتمكن من منع الاندساس الذي تعددت انواعه وحسب متظاهرين نفوا بشكل حاسم علاقة حراكهم بالتخريب والاصطدام مع القوات الامنية التي التزمت بحدود واجباتها ،وقد اشاروا صراحة الى ان بعض الاجهزة الحكومية ومناصرين للاحزاب النافذة وتشكيلات مسلحة وبعض المعادين للعملية السياسية وراء افتعال الحوادث ... وهذا ما يفرض ملاحقة من خرق القانون وارتكب افعالا مخالفة له .
وفي ظل اجواء الغضب والاندفاعات الانية وردود الافعال تمكن البعض من جر اعداد من المتظاهرين الذين يلمسون كيف تسوف مطالبهم ولا تستعجل الجهات المسؤولة تلبيتها وهي في متناول امرا منها فكان ماكان .
للاسف تآمرت بعض الاحزاب واقسام من السلطة واصدقائها على تخريب سلمية الحراك والصاق التخريب بكل قواه زورا لتنهي اوتخفف من الاحتجاجات على ادائها السيء ، ولكنه لمن يعتبر سيتجدد سريعا ما لم يقدم اثبا ت حسن العمل والجد.
الان للحفاظ على زخم النشاط الواعي التفكير باساليب واشكال اخرى من الضغوط والمراقبة على اعمال الحكومات المحلية والاتحادية تتلائم مع الاستعدادات الممكنة والمتيسرة الى يتستأنف التظاهرات مرة اخرى اذا لم يستجاب لما تنادي به .