في الخامس عشر من نيسان كل عام يحل يوم الفلاح العراقي. ففي هذا اليوم عقد المؤتمر الفلاحي الأول ببغداد عام ١٩٥٩.
الاحتفال بهذا العيد ليس له فقط القيمة المعنوية والسياسية، قدر ما يعكس أيضا أهمية القطاع الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني، والاهتمام بالعاملين فيه، من فلاحين ومزارعين وعمال زراعيين، وببنات وأبناء الأرياف والقرى، والذين لا تقل نسبتهم عن ٣٠ من سكان العراق. وكذلك التوقف عند التحديات والتدهور الهائل الذي سببته حكومات المحاصصة لهذا القطاع الاستراتيجي جراء الإهمال العمد.
أهمية القطاع الزراعي لا تتراجع، مهما ارتفعت إيرادات النفط، فهو يبقى له دوره ومساهمته في توفير سلة الغذاء للمواطن، وفي توفير الامن الغذائي للبلد، وكذلك العديد من المواد الأولية ذات الحاجة لها في قطاعات إنتاجية أخرى، وفي الصناعات الغذائية والدوائية وغيرهما.
ان حلول هذا العيد هو مناسبة أيضا للوقوف امام التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الزراعي والعاملين، وفي المقدمة من ذلك، شح المياه وما يسببه من جفاف واتساع ظاهرة التصحر، وتاثير بالغ على المنتوج النباتي والبيئة، وما يسببه من تدهور في الثروة الحيوانية. وهذا الامر يحتاج الى مقاربات وحلول تتسم بالبعدين المتوسط والاستراتيجي وليس الانغمار في توفير مئات الأمتار المكعبة من المياة عبر “مكرمة” من تركيا او ايران.
ان العديد من القضايا، ومنها آنية تنتظر الحلول، والكثير من المطالب المحقة يعرضها الفلاحون والمزارعون، ومن ذلك؛
- معالجة جادة لحصول العراق على حصة عادلة، غير وقتية وتشمل النهرين، من مياه دجلة والفرات.
- زيادة التخصيصات في موازنة ٢٠٣٣ للقطاع الزراعي، مع تاهيل المؤسسات الحكومية ورفع قدراتها على التنفيذ وترتيب الأولويات في ذلك.
- وقف التهديدات للفلاحين والمزارعين ومطالبتهم، تحت السلاح، بالتخلي عن أراضيهم، والا واجهوا التهجير القسري.
- تسهيل حصول الفلاحين والمزارعين على تقانات الري الحديثة وباسعار ميسرة وبدعم من الدولة.
- توفير الحماية للمنتج الزراعي الوطني عبر منع الاستيراد العشوائي، والتقيد بالرزنامة الزراعية وتطبيقها على نحو سليم وفاعل.
- توفيرالبنى التحتية للقطاع الزراعي بما في ذلك الطرق المعبّدة والسايلوات والمخازن المبردة والمجمدة.
- الاستمرار في استصلاح الأراضي الزراعية وزيادة المبالغ المخصصة لذلك، وتوسيع المساحات المشمولة بن وإدامته، ووقف تصحر الأراضي وزحف الكثبان الرملية.
- العناية بالعاملين في القطاع الزراعي، وتوفير الأراضي الزراعية لهم، ووقف التجاوز عليها وتجريف البساتين وتغيير جنس الأراضي الزراعية، ومنع تمدد المدن العشوائي على حساب المناطق الخضراء.
- إعادة تفعيل مشاريع القرى العصرية ومعالجة أسباب تلكؤها وعدم تخصيص الأراضي والدور الى المستفيدين وفقا للقانون. وإعادة النظر في المبادرة الزراعية بما يضمن وصول الأموال المخصصة لها الى مستحقيها، وتسهيل حصول الفلاحين على القروض الميسرة.
- تقديم كل أشكال الدعم والإسناد للفلاحين من أسمدة وبذور ومكافحة ووقاية بيطرية واعلاف وكذلك وقاية المزروعات وخاصة الان مكافحة الحميرة والدوباس.
وتمسّ الحاجة من جانب آخر الى استمرار المؤسسات الحكومية في استلام المحاصيل الاستراتيجية، سواء على الخطة او خارجها، ودفع مبالغ مجزية مقابلها، وصرف مستحقات الفلاحين في المحافظات والإقليم في مواعيدها ومن دون مماطلة وتسويف.
ويتوجب ايضا، من اجل النهوض بالقطاع، العمل على تمليك الأراضي التي وزعت على الفلاحين، وفقاً للقانون رقم 30 لسنة 1958، والقانون رقم 117 لسنة 1970، بجانب تشريع قانون جديد لايجار الأراضي الزراعية، بما يضمن إعادة توزيع الأراضي وتوفيرها لصغار الفلاحين وكادحي الريف. وان يضمن القانون الجديد عدم زيادة مساحة التعاقد على ضعفي مثيلتها في القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٠.
ان ارياف بلدنا والساكنين فيها والعاملين في ارضها، يستحقون كل الرعاية والعناية، مع الاهتمام بالريف ذاته وإعماره وتطويره، وإمداده بخدمات الماء والكهرباء والتعليم والنقل والرعاية الصحية، والقيام بكل ما من شأنه تقليل الفوارق بين الريف والمدينة، وبما يضمن وقف الهجرة منه وتشجيع من هاجروا من الفلاحين والمزارعين على العودة الى أراضيهم.
ان تحقيق هذه المطالب وغيرها، يوجب القيام بالمزيد من العمل والنضال، وممارسة شتى الضغوط، ويتطلب من الفلاحين والمزارعين، قبل غيرهم، تنظيم انفسهم في حراك فلاحي واسع وبذل اقصى الجهود لفرض ارادتهم وتعرية مواقف الجهات المتنفذة والسلطات التنفيذية والتشريعية، المركزية والمحلية التي تعرقل النهوض بهذا القطاع. وبات مطلوبا أيضا تفعيل دور اتحاد الجمعيات الفلاحية التعاونية، والمنظمات والاتحادات المعنية ذات العلاقة.
أجمل التحايا والتهاني الى الفلاحين والكادحين والمنتجين في الريف في يومهم السنوي، وكل التضامن معهم. والى المزيد من العمل لانتزاع الحقوق.
المجد لشهداء الحركة الفلاحية العراقية.