التقى وفدان يمثلان حزب التيار الاجتماعي الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي يوم السبت (١٦-٩-٢٠٢٣) في بغداد. وتدارس اللقاء الأوضاع الراهنة ومستجداتها، والعلاقات الثنائية بين الحزبين ودورهما في تعزيز مظلة قوى التغيير الديمقراطية، وتحالف قيم المدني.
توقف المجتمعون، باستفاضة، عند الأوضاع السياسية وتداعيات الأزمة البنيوية الناتجة أساسا عن اعتماد المحاصصة الطائفية والإثنية في بناء الدولة ومؤسساتها. كذلك في اسناد الوظيفة العامة، بعيدا عن المواطنة والنزاهة والكفاءة والمهنية.
وجرى التأكيد على انه في ظل اعتماد هذا المنهج المرفوض في إدارة الدولة، من الصعب بمكان ان تتحقق إنجازات ذات شأن تلبي حاجات وطموحات المواطنين، وما جسّده الحراك الشعبي والمطلبي وانتفاضة تشرين ٢٠١٩، والتي تحلّ ذكراها الرابعة قريبا، وما زالت الوعود بالكشف عن قتلة المتظاهرين ومصير المخطوفين والمغيبين، تراوح في مكانها.
وأشّر الحضور بانه في ظل منظومة المحاصصة، تفاقمت ظواهر عدة منها ظاهرة الفساد، والتي غدت منهجا وسلوكا للمتنفذين. وقد اتخذت الحكومة إجراءات ذات وجهة سليمة الا انها لا ترقى الى مستوى التحدي الكبير الذي يشكله الفساد المستشري، وما يسببه من هدر لثروات البلد وخيراته.
ولفت الحضور الانتباه الى مساع محمومة لتأطير المجتمع وتنميط سلوك المواطنين وتقزيم الحريات والتضييق على حرية التعبير، بأشكال ووسائل عدة، ومنها تشريعات قانونية مستلة من الخزين الكريه للأنظمة الدكتاتورية والقمعية. وكل هذه الممارسات تشكل انتهاكات فظة للدستور ولحقوق الانسان العراقي.
واعرب الطرفان عن قلقهما من استمرار عسكرة المجتمع والتخصيصات المالية الضخمة المخصصة في الموازنة للقوات العسكرية والأمنية ومختلف التشكيلات الأخرى، وزيادة عديدها برغم هزيمة داعش عسكريا وانحسار العمليات الإرهابية على نحو ملحوظ. كل هذا وغيره، يثير التساؤلات المشروعة عن مدى الحاجة الى ذلك، في وقت يتطلب حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الدستورية.
ورغم الإعلان في المنهاج الحكومي عن ان الحكومة تضع تقديم الخدمات في أولوياتها، لكن المقدم منها لا يتناسب مع موارد البلاد المالية وامكاناتها، فما زالت الخطوات متواضعة وكفاءة التنفيذ متدنية، فيما تشكو المحافظات كافة، خاصة الفقيرة منها، من الإهمال وسوء الخدمات وبعضها مهمل حتى الان.
وبوضوح اكد المجتمعون ان المشاكل والأزمات لا تحل عن طريق سياسة إطفاء الحرائق، والحلول الترقيعية، ومحاولات فتح أبواب التعيينات الواسعة غير المدروسة؛ فبلدنا بحاجة ماسة الى الاستثمار السليم لموارده، والتوجه الجاد الى تنمية القطاعات الإنتاجية، الصناعية والزراعية، وبناء البنى التحتية ومعالجة سوء الخدمات ولاسيما في ما يخص قطاعات الصحة والتعليم والنقل والكهرباء والماء، والانطلاق نحو تنمية مستدامة تعالج قضايا البطالة والفقر والعوز.
وطالب اللقاء الحكومة ومؤسسات الدولة بالعمل الجاد لحل مشكلة شح المياه وتأمين حصة عادلة لبلدنا في مياه نهري دجلة والفرات، وان تكون هناك حلول دائمة بعيدا عن "المكرمات" التركية والإيرانية.
وعبر الطرفان عن حرصهما على حل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على وفق القانون والدستور، وان يكون ذلك باتفاقات رسمية معلنة تتضمن مضمونها وأسماء الأطراف الموقعة عليها، والابتعاد عن الصفقات التي يراد لها ان تكون بديلا عن نصوص الدستور.
ونوّه الحزبان بالحاجة الى إرادة وطنية حازمة لتحقيق الاستقلال الناجز وتأمين القرار الوطني المستقل والحيلولة دون استمرار التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي وصيانة مصالح العراق.
وجدد المجتمعون التأكيد على انحيازهم الى قضايا المواطنين ومصالحهم ووقوفهم الى جانب المطالب العادلة لهم، وان التعويل في تحقيق الإصلاح والتغيير يعتمد أساسا على حركة جماهيرية شعبية واسعة، فهي المعول عليها في فرض إرادة غالبية العراقيين المكتوين بنار الازمات.
من جانب اخر، بحث الحزبان العلاقات الثنائية بينهما وسبل تمتينها وتعزيزها، والتاكيد على أهمية استمرار التشاور والتنسيق، ومتابعة المستجدات وتنسيق المواقف بشأنها. كما اكدا حرصهما على تعزيز التيار الديمقراطي ومظلة قوى التغيير الديمقراطية، وكذلك تحالف قيم المدني وكونه يمثل فرصة حقيقية للدفاع عن مصالح الناس وإشاعة مفاهيم وقيم الحرية والعدالة وحقوق الانسان والمواطنة والديمقراطية، كمنهج وممارسة ومؤسسات ونظام حكم.
وفي مجرى الاستعداد والتحضير لانتخابات مجالس المحافظات، دعا الطرفان المواطنين الى المشاركة الواسعة فيها وتحقيق الاختراق المطلوب، وبما يجعل تلك المجالس حقا مؤسسات فاعلة لتتبنى قضايا المواطنين والرقابة الجادة وضمان حسن استخدام الموارد المالية لتحسين أوضاع بنات وأبناء المحافظات والارتقاء بها وتطويرها على مختلف الصعد، وتحقيق العيش الكريم الآمن للمواطنين.
بغداد
١٧-٩ -٢٠٢٣