في مثل هذا اليوم الاثير من كل عام، يحتفل العمال، وسائر شغيلة اليد والفكر في مختلف أرجاء عالمنا المعاصر بالأول من ايار، عيداً للتضامن الكفاحي، والنضال العنيد من أجل الحريات النقابية والسياسية، وفي سبيل الديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية والاشتراكية، عيد الكفاح من أجل عالم خال من الاستغلال والاضطهاد والتمييز بكافة انواعه واشكاله.
ومثل أشقائهم في بلدان العالم الاخرى، يحتفل عمال العراق وكادحوه بهذه المناسبة الملهمة، وهم يستذكرون بفخر واعتزاز تاريخهم النضالي الحافل بأعلى مراتب الشجاعة والاقدام، دفاعاً عن قضية الشعب والوطن، وعن مصالحهم الطبقية، ومن أجل ظروف عمل وحياة أفضل، ذلك التاريخ الذي سجل بأحرف من نور مآثر وبطولات كانت باكورتها اضرابات أصحاب الصنايع، والموانئ والسكك والسكائر، والنفط و "كي ثري" وكاور باغي والنسيج والزيوت، وملحمة العمال في ساحة السباع وغيرها الكثير، ومن ثم اسهاماتهم الرائدة في ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وحمايتها والدفاع عنها.
وفي ظل الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية، التي تعاقبت على السلطة في العراق بعد انقلاب شباط الاسود سنة 1963، واصلت الطبقة العاملة نضالها مع ابناء شعبنا في ظروف غاية في التعقيد والصعوبة، والقمع الدموي، ولاسيما في حقبة النظام الدكتاتوري المقبور ونهجه المدمر.
وفي الوقت الحاضر يكتسب نضال الطبقة العاملة، أهمية وطنية وطبقية رغم ظروفها الشاقة، وتفشي البطالة في صفوفها، وتوقف الدورة الاقتصادية وعجلة الانتاج، ومحاولات فرض الخصخصة على مؤسساتنا الوطنية الإنتاجية وبشكل خاص شركات ومعامل وزارة الصناعة والمعادن، وعدم توفير الخدمات العامة وخصخصتها، وعدم منح المرأة العاملة حقها ومساواتها في فرص العمل والأجور، وشيوع ظاهرة العقود المؤقتة والاجور اليومية لعشرات الآلاف من العمال، الذين لا ضمان فيها لحياتهم ومستقبلهم، ومحاربة التنظيم النقابي واحتكاره، والسعي المحموم لفرض الوصاية والهيمنة والتسلط عليه.
والأخطر من كل ذلك محاولات شق صفوف الطبقة العاملة طائفياً وقومياً وعشائرياً، لأضعاف دورها في الدفاع عن مصالحها الجذرية، وفي اعادة بناء العراق الديمقراطي الحقيقي المزدهر، هذا بالإضافة الى المحاصصة المقيتة، وهي أس البلاء، التي تلد في كل يوم وكل ساعة مزيداً من الفساد المالي والاداري والاخلاقي. فيما تستقوي منظومة المحاصصة السياسية المتنفذة والفاشلة بالسلاح المنفلت والمليشيات التي باتت دويلات داخل الدولة، بل نسفت فكرة الدولة من أساسها، وغيبت القرار الوطني المستقل، عبر اضعاف الوحدة والسيادة الوطنية، والتماهي مع التدخلات الخارجية، في محاولة بائسة لتأبيد بقائها في السلطة التي تتعامل معها كغنيمة يجب تقاسمها بين أطرافها المتنفذة.
بيد أن طبقتنا العاملة العراقية ومعها غالبية الشعب العراقي، تدرك جيداً أن الحل الامثل للازمة الخانقة في العراق، انما يكمن في تغيير ميزان القوى السياسية والاجتماعية لصالح القوى المدنية والديمقراطية، ومنها حزبنا الشيوعي العراقي، والتي تناضل من أجل التغيير الشامل، وبناء أوسع اصطفاف سياسي وشعبي للمجيء بحكومة وطنية نزيهة، قادرة على تحقيق هذا الهدف النبيل، وبناء العراق الديمقراطي الحقيقي، تحت راية العدالة الاجتماعية، وبالاستناد الى الجماهير الشعبية الغفيرة التي هي الوسيلة والغاية في آن، وفاعلية حراكها الاجتماعي والسياسي.
ان الحزب الشيوعي العراقي، وهو يهنأ طبقتنا العاملة بعيدها الاممي، يؤكد مجدداً تضامنه ودعمه الكامل لمطالبها المشروعة في ضمان إنفاذ قانوني العمل والضمان الاجتماعي بشكل فاعل وحقيقي، وضمان الحقوق والحريات النقابية بتشريع قانون جديد لحق التنظيم النقابي في قطاعات الإنتاج كافة، ومطالب حركتها النقابية لتؤدي دورها الوطني والطبقي كشريك اجتماعي فاعل، ويعمل دون كلل أو ملل لتحقيقها على أرض الواقع. كما يدعم الحزب العمل من اجل وحدة الحركة النقابية على أسس الانحياز للعمل والعمال وتبني قضاياهم والدفاع عنها، وعن حرياتهم الديمقراطية والنقابية.
ولمناسبة عيد الأول من أيار نتقدم بالتهاني الى عمال وشعب فلسطين ونجدد تضامننا معهم وندعم نضالهم وصمودهم من اجل وقف حرب الإبادة الصهيونية ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة وفي المقدمة إقامة دولته الوطنية المستقلة على ارضه وعاصمتها القدس.
عاش الاول من آيار مناراً وفناراً هادياً لكل المناضلين السائرين على طريق بناء مستقبل أفضل لشعبنا العراقي، وللبشرية جمعاء.
عاشت الطبقة العاملة العراقية، والخلود لشهدائها وكل شهداء الشعب الابطال.
المجد للعيد الاممي للطبقة العاملة.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
أواخر نيسان 2024