لَـــوْ ..  يحيى علوان

لو قُيِّظَ لي أن أعيدَ البدايةَ من أوّلها  لَما أخترتُ غيرَ ما إختَرتُ ..

لَمَضيتُ  في ذات الدروب ، التي قد تُفضي ولا تُفضي إلى سنابُل الدهشة ،

أَعُبُّ هواءاً  يَحلِجُ  قِنديلَ الفِتْنَة ،

أُلَملِمُ  ظِلّي/ إسمي ، وأتبعُ رائحة الطَلْعِ .

..............................

كـــان لنا وطنٌ ، كالمجهول ، أوسع منْ خارطته ، وحينَ تَفَتّحتْ أزهارُ الخيال ، صارَ يضيقُ بنا !

 أَنكَرَ أُبُوَّتَه لنا .. لكننا لمْ نرتدعْ !! لا شفاءَ لنا منه .. مرَضٌ وراثيٌّ  حُبُّنا له   .

بداخله صِرنا  نزدادُ إختناقاً .. وطنٌ غاب خَتمُه في جواز السفر !

أَمَرْنا القلبَ  أنْ  يَتريُّثْ .. أنْ يكونَ حيادياً ، كأنه ليسَ مِنّا !

ورُحنا نُخَمِّرُ الحنينَ .. نُغطّي بغصونِ الذكرياتِ  جِراحاتٍ ، يأيى الحاضرُ لها اَنْ تندمل . فالحلم أجمل من تحقُّقه ، والطريقُ إلى – البيت المرتجى  - أجملُ من البيتِ نفسه .. ليبقى المكان ، الذي شكَّلَ لغتنا وهويتنا الوطنية والإنسانية بكل تلاوينها ..، يانعاً في ربوع الذكرى ، حتى وإنْ تّكسَّرَ المكان الآن !

نُحبُّ وطناً سَمْحاً ، لا يتطلّب من أهله أنْ يكونوا أبطالاً ... ولا يقول لهم : "يحقُّ لكم أن تموتوا كما تشتهون "! لا يعطيهم إلاّ  خيارَ الرحيلِ أو الدم !   

                    *          *             *

أعودُ ، إذا كانَ لي أنْ أعود ، إلى نفسي ، وإلى خطوتي ...

فهناكَ مَنْ سَبَقتْ خطاه خُطايَ . وهناكَ مَنْ تمشي خطاه على خطاي ،

فأنا من هناك .. ولستُ هناك  كي أتفقّد أمسي ،

وُلدتُ كما تولدُ الناس ،

 

 

ولي ، مثل بقية الخلقِ ، أهلٌ وصَحبُ  .

هناكَ تعلَّمتُ الحَرفَ ،

فكّكْتُ  الكلماتَ كي اُرَكِّبَ مفردةً واحدةً : وطنْ!

مفردةٌ تجمعُ كل ما إستعصى على الخيال !

قُلتُ سأمشي وأمشي ، فما زالَ في الدربِ دربٌ ، حيثُ لمْ تحترقُ الأسئلة !

" أنا القرمطيُّ بَكَتْهُ الرماحُ والسيوف ، "

أقولُ  لظلّي/لأسمي دعكَ منّي ، إنزلْ عن كَتِفي ، إختاركَ الأهلُ ولم "أُستَشَرْ"..

فقد أخذتُ "الكتابَ" بشمالي .. وبِرِفْقِ الوَجِلِ !

لم يتساءلوا عما سيحدثُ للمُسَمّى حين يقسو الزمانُ عليه !!

فَخُذْ صفاتكَ ، يرحمكَ الله ، وأعطني ما ضاعَ من حريَّتي !

يكفيني حمَلتُكَ خمساً وسبعينَ حولاً .. فهلاّ تتَكرّم ؟

ترَجَّل ! خُذ مجازاتِكَ وإبحث عن غيري ..

تُرى مَنْ مِنّا تنصَّلَ عن الآخر ؟!

              *        *         *

قُلنا سيظلُّ النبعُ قِبلَتُنا .. فمستقبلُ النهرِ أن ينتحِرَ في بحيرةٍ أو بحر!

إنتظرنا دَهراً ، صار لنا أحفاد .. ومُتنا  كَمَداً  أو سهواً ، أو ..

فيما السُحُبُ ، لاهيةً ، تُقلِّدُ سِرباً من الكائنات والتشكيلات ،

تُخالِفُنا الريحُ . ريحُ "الشمال" تُحالفُ ريحَ "الجنوب"فنصرخُ أين المَفَرْ؟

نواصلُ ما يشبه الموتَ ، ونحيا .. وهذا الذي يشبه الموتَ نُسمّيه نصرا !

آه ، يا حُلُماً نشتهيه .. نخافُ عليكَ ، ومنكَ نخاف !

ونسألُ : هل فعلاً أرضُ البشر لكل البشر ، مثلما أدّعى كانط ؟!

إلى أين تَطيرُ القُبّرات بعد السماء الأخيرة ؟!

   

........................

........................

 

تضيقُ الأرضُ أو لا تضيقْ ،

سأقطعُ هذا الطريقَ الطويلَ الطويل حتى آخره .. وآخري !