أصابعُ ابنِ يَقظان!

(تُفَتِّشُ تاريخَ أمنحُتِب الثاني)

أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيفي

  https://twitter.com/Prof_Dr_Alfaify

        https://www.facebook.com/P.A.Alfaify

 

أَصَابِعٌ تَجُوْسُ في سَدِيْمِها،

لا تَهْتَدِيْ المَعْنَى المُوَارَى في العَتِيْمْ

غِزْلانُها تَسَرَّبَتْ شَوارِدًا،

لكنَّنيْ ضَلِلْتُ فِـيَّ كاليَـتِيْمْ!

 

(حَيُّ بْنُ يَقْظَان) أَنا،

وهذِهِ غَزالَتِيْ الأُمُّ،

و(أَبْسَالٌ)، جَنِيْنَ وَعْدِهِ، لمَّا يَزَلْ

وها جَزِيْرَتِـيْ أَمِيْرَتِـيْ انْبَرَتْ

فِـيَّ تُوَارِيْ عُرْيَها،

تَـمَسُّ نَهْدَها بِوَارِيْ شَهْقَتِيْ،

تَـمُدُّ في الأَثِيْرِ عِطْرَ عِطْرِها،

وتَصْطَفِيْكَ في اليَتامَى كالكَلِيْمْ!

 

(مُوْسَى)،

وبَحْرُ مِصْرِها..

تِلْكَ الَّتي...؟

عَصَايَ كَيْ أَهُشَّ سِحْرَ نَهْرِها

(فِرْعَوْنُ) لَـمْ يَدَعْ خِزَانَةً بِأَخْمَصَيَّ

إِلَّا انْتَاشَها..

آنَ الأَوانُ لِلخُرُوْجِ مِنْكَ، يا فِرْعَوْنَها،

وآنَ أَنْ يَبُوْءَ بِاليَمِّ (أَمِنْحُتِبْ)(1)،

وأَنْ يَبُوْسَ لَطْمَـتَـيْـهِ خَدُّهُ اللَّطِيمْ!

 

حَيُّ بْنُ يَقْظَان يَنُوْءُ في سَبَاسِبِ الزَّمَانِ فِكْرَةً،

أَبْسَالُ يَحْمِلُ التُّرابَ في الضَّمِيْرِ مَشْرِقًا،

مُوْسَى انْتَهَى إلى (رَعَمْسِيْسَ) ضُحًى،

أَعَدَّ شَعْبَهُ،

وصَبَّ قَلْبَهُ جِسْرًا لَـهُ إلى السَّماءْ

 

- أَ كانَ لا بُدَّ لَنا مِنَ النَّبِيِّ؟

قالَ حَيٌّ، في بَراءةِ الظِّبَاءْ..

- أَجَلْ.. أَجَلْ،

     لا بُدَّ، يا غَابَاتِ أَحْلَامِ الكَسَلْ!

- أَجَلْ؟ أَجَلْ!

ويَمْضِيَانِ في سَبِيْلٍ لَيْسَ مِنْها مِنْ سَبِيْلٍ لِلْفَتَى...

فِرْعَوْنُ يَحْشُدُ الجُنُوْنَ في صَعِيْدِ (مِصْرَ)،

والطُّيُوْرُ تَحْرُسُ العَلَمْ..

لكنَّ (حُوْرُسَ) اللَّعِيْنَ خانَ مَوْعِدَ النِّدَاءْ..

 

دارَ النِّزالُ بَيْنَ مَفْرِقِ التُّرابِ والمِياهِ،

قَبْلَ عَصْرِ الأَرْبِعَاءْ

والأَرْبِعَاءُ كُلُّهُ شُؤْمٌ،

على ما جاءَ في بَرْدِيَّةٍ حَوَتْ «كِتَابَ المَوْتِ»،

في تَرْنِيْمَةٍ إلى (أُزِيْرِيْسَ) العَظِيْمِ في (أَبِيْدُوْسَ) الضِّيَاءْ

 

الشَّمْسُ أَغْمَضَتْ على دِمائِها قَيْلُوْلَةَ القَطَا،

هُنا ضاقَ المَدَى،

فِرْعُوْنُ يَخْوِيْ في تَلابِيْبِ الأَثَرْ

 

مُوْسَى،

أيا مُوْسَى، اسْتَفِقْ!

أَيْنَ العَصَا؟

أَيْنَ «الصَّمِيْلُ»(2)، يا ابْنَ شَعْبِ الأَنْبِيَاءْ؟

أَلا تَهُشُّ يَمَّ هذا الانْتِظَارْ؟!

...

وانْهارَ ماءٌ بَعْدَ ماءٍ

مِنْ عُصُوْرِ السِّحْرِ والدَّمِ البَواحِ والشَّقَاءْ!

مَرَّ النَّهَارُ،

مَرَّ بَيْنَ مَوْجَتَيْنِ، حَيَّتَا النَّبِيَّ، إِذْ رَهْوًا عَبَرْ

- فِرْعَوْنُ، هَبَّ فاغِرًا:

أَلا تَرَوْنَ ما أَرَى؟!

...

أَيْنَ المَفَرْ؟!

إِنْ كانَ لِلمِيَاهِ أَنْ تَهابَ آبِقًا،

فكَيْفَ لا تَهابُ سَيِّدَهْ؟!

 

فلتُدْرِكُوا عَبِيْدَكُمْ!

هَيَّا..

                         اخْتَصُوا فُحُوْلَـهُمْ!

أَيْنَ المَفَرْ؟!

أَيْنَ المَفَرُّ، يا مُوَيْسُ،

                             يا ابْنَ (حِتْشِبْسُوْتَ)،

                                                   يا ابْنَ تِيْكُمُ البَغِيِّ،

                                                                         يا عَبْدِيْ الخَؤُوْنْ؟!

 

...وكُبْكِبُوا في البَحْرِ بَحْرًا مِنْ غَبَاءْ!

...

وصَارَ (يَهْوَى) عِجْلَ شَعْبِهِ بآخِرِ المَسَاءْ!

 

أَصَابِعًا تَجُوْسُ في سَدِيْمِها،

لا تَهْتَدِيْ المَعْنَى المُوَارَى في العَتِيْمْ

غِزْلانُها تَسَرَّبَتْ شَوارِدًا،

لكِنَّها ضَلَّتْ تَدُوْرُ في القَدِيْمْ!

 

- أَ كانَ لا بُدَّ لَنا مِنَ النَّبِيِّ؟

صاحَ حَيٌّ، في بَراءَةِ الظِّبَاءْ..

- أَجَلْ.. أَجَلْ،

لا بُدَّ، يا غاباتِ أَحْلَامِ العَسَلْ!

- أَجَلْ؟ أَجَلْ!

 

وتُشْرِقُ الغَزَالَةُ الأُوْلَى

بِماءِ عَيْنِها مِنْ طُوْرِ سَيْنَاءِ القَصِيْدِ..

يَهْطِلُ الحَيُّ بْنُ يَقْظَانَ الجَدِيْدُ،

يُنزِلُ الوُعُوْلَ مِنْ ذُرَى السَّماءِ،

يُرْسِلُ الوُعُوْدَ كالحَمامِ

مِنْ نَوافِذِ الضُّحَى إلى بُرْجِ الحَمَلْ!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  الإشارة إلى (أمنحُتِب الثاني، الذي حكمَ في الفترة 1427- 1401ق.م)، وهو الفرعون السابع من الأُسرة الثامنة عشرة.  وقد رجَّحنا في كتابنا (تاريخ بني إسرائيل وجزيرة العَرَب، (الأردن: عالم الكتب الحديث، 2019))، أنه الفرعون الذي خرج على عهده (مُوسَى) من (مِصْر).

(2) الصَّمِيْل: العصا الغليظة، في لهجات جنوب (الجزيرة العربيَّة).  وهي مشتقَّةٌ من الصَّمْل، وهو: اليُبْسُ والشِّدَّة. وصَمَلَه بالعَصا صَمْلًا، إذا ضَرَبَه. وقد أشار (الزبيدي، تاج العروس، (صمل)) إلى هذه الكلمة، قائلًا: «الصَّمِيل، كأَمِيرٍ: العَصا، يَمانيَّة.»

 

https://twitter.com/Prof_Dr_Alfaify

 

واقرأ للشاعر أيضًا:

  • نقد القِيَم: مقاربات تخطيطية لمنهاج علمي جديد، (بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2006).‏
  • متوافر على "الإنترنت"، للمطالعة أو التنزيل:  https://archive.org/details/CriticismOfValues
  • موقع أ.د/ عبدالله الفَيْفي:  http://khayma.com/faify
  • قناة أ.د/ عبدالله الفَيْفي:   http://www.youtube.com/user/ProfAAlfaify
  • جديد:  من الحكايات الأُسطوريَّة في جنوب الجزيرة العَرَبيَّة-2:ـ https://n9.cl/lsuah

*  كتب أخرى للقراءة والتحميل: https://archive.org/details/@almotanabby

                        http://i.makeagif.com/media/3-07-2017/uVXZW0.gif

 

تابعونا على "تويتر": https://twitter.com/Prof_Dr_Alfaify  

http://www.facebook.com/p.alfaify  تابعونا على "فيسبوك":

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

http://khayma.com/faify

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ