" الوقت الضائع "!

إنتهت ..

إنتهت ..

إنتهت "اللعبة"!

لمْ يبقَ لي إلاّ "اللعب بالوقت الضائع"!

عَلّقتُ سلاحي على سِدرةٍ عتيقة ..

...................

لا بطولةً،

لا بَراعةً ، أو فِطنةً أنّني أحيا !

سأَنكَبُّ على "مؤجّلاتي " ، فلا وقت للتبذير !

إنتهت اللعبة !

إنتهت !

لم تَعُد هناك فرصة أخرى ..

* * *

لمْ يَتسنَ لي أنْ أُهنِّأ أُمي بسلامتي معطوباً ..

كلُّ مَنْ حَوْلي هَنَّأني على "السلامة" المنقوصة !!

لكنني بقيتُ سيّدَ ذاتي ،

لا أنسى ولا أَتذكّرُ الماضي إلاّ حينَ يَشرَقُ الهواءُ بغبار "الآنْ"!

لمْ أُسائل نفسي لماذا أحتفي بصداقةِ اليومي ،

وأَنتشي بالنَزرِ المُتاح !

ربما أكونُ أرجأتُ إستذكارَ "المَلاكَ" إيّاه كي أُموِّهَ ما إستبطنتُ من حُطامي !

وأَعرفُ أَنه ساديٌّ مراوغ ،

يقضمُ "رأسمالي"/ أصدقائي من حولي .. واحداً ، واحداً لينفَرد بي !!

أَتُراه خائفاً مِنّي ؟.. أَنا المعطوب ..؟!

* * *

هلْ يَمرَضُ مَلاكُ الموتِ مثلما نَمرَضُ ..؟!

أَيُصابُ بالأنفلونزا ، وفقدان الذاكرة(ألزهايمر) أو يدَخَلَ "الكوما" ..؟!

إذا كان كذلك .. لنْ أَدعو له بالشفاءِ والعافية ،

كي أَكتُبَ نَصّي الذي أَحلَمُ به !

فَبِيْ شَبَقٌ إلى ما لستُ أَعرِفُ ..

وأُريدُ أنْ أحيا وأنساه !

........................

كلُّ ما في الأمر أَنّي أُصدِّقُ حواسّي ، بأَنَّني لمْ أَزَلْ أَحيا ..

أتأبطُ ظِلِّي كي لا يتعثَّرَ فوقَ رصيفٍ مَجدورَ الوجه ، فينكسَّرْ ،

لمْ يأتِ موسمُ "القِطاف"،

لمْ يأتِ ،

لمْ ..!

وساعتي لمْ تَحِنْ بعدُ !

* * *

وسطَ ضوءٍ نحيلٍ يَخبِزُ الليلَ ، نَجوتُ مصادفَةً ،

حاولتُ تعديلَ مسيرتي ، كيف ما أَشتهي !

إذْ ما كُنتُ لأكونَ لو أَنَّ الموتَ لم يكنْ عشوائيا ،

إختطفَ أخَوَيَّ الأصغرين قاسم ورسول !

يزورني في المنام ، دون دعوة ، ويقولُ :

" ما نسيتكَ ، لنْ تَفلِتَ منّي ، وإنْ نَجَوتَ بضعَ مرّات !"

فأقولُ له : " غَلبتُكَ يا موتُ غير مرة ! أما تستحي ؟!"

* * *

ما كنتُ لأحيا لو أنَّ الرصاصةَ الغبية لم تُخطيء مسارها بعشرينَ درجة ،

فتَستقرَّ في ركبتي مرتين :

في ساحة السباع وفي كردستانْ.

....................

ما كُنتُ لأَحيا لو لمْ أُشاغل ضابط الجوازات صالح منهل- زميلي في المتوسطة –

فلو أَلقى نظرةً على قائمة " الثلاثونَ المُبشّرونَ بجهنم "*لَرُحتُ بشُربة ماء !!

...................

ولا كُنتُ سأحيا لولا جَلَبَةٍ قام بها اليمنيون الجنوبيون في مطار الكويت ، دفاعاً عنّي،

يومَ أرادت مخابرات جارهم الأكبر إختطافي !!

..................

ما كنتُ لأحيا في قصر النهاية، لو لمْ يكتشفوا أنني لستُ يحيى بابان **!!

..................

وأخيراً .. ما كنتُ لأحيا لولا فَزَع صديقي د. إلياس البطل لما إكتشف بأن لديَّ سرطانٌ

فأرسلني إلى المستشفى فوراً !!

* * *

ما يُنسيني الموعد مع "المَلاك" إياه ،

بُنيَّتي ندى ، شَغَفي بزهرةٍ يانعةٍ شقَّت الجدار لتعرضَ فِتنتَها ،

هَوَسٌ بالطبيعة ..

كثرةٌ من الكتب تنتظر القراءة ،

وبلسم الروح موسيقى وأعمال فنية .. وكــاس!

كلُّ هذا يبقيني أُناطحُ الموتَ ..!!

يحيى علوان

-----------------------------------

* المقصود قائمة بثلاثين إسماً من المثقفين صدرت أوامر من مركز النظام عام 1978 بمنعهم من السفر وجرى تعميم ذلك إلى دائرة الجوازات والمطارات والمنافذ الحدودية ، وقد ضمت القائمة زهير الجزائري ، نبيل ياسين ، فاطمة المحسن ، فالح عبد الجبار وكاتب السطور وغيرهم مما لا أتذكر الآن .

** يحيى بابان واحد من نشطاء القيادة المركزية ، زميل لي في أتحاد الطلبة . كان يدرس في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية عام1969.