صدر يوم الأحد الموافق 2/6/2024 عن دار الفرات للثقافة والاعلام في بابل كتابي الموسوم (الزرادشتية أقدم ديانات الوحي في التاريخ) والذي يحتوي على (334) صفحة من الحجم الوزيري، والغلاف يحمل شعار الزرادشتية (فارافاهار).
تُعّدُّ الديانة الزرادشتية واحدة من أقدم ديانات الوحي، فهي الديانة التي سبقت جميع الديانات بزمناً طويل، وقد تطورت في الزرادشتية الأديان الإيرانية القريبة منها، والأفكار المتعلقة بنشوء الخير والشر ومكانهما في العالم، ودور وعمل الإنسان في تطور العملية العالمية، ويوم القيامة وما شابه ذلك. مما أثرَّت هذه الأفكار من دون أدنى شك تأثيراً كبيراً في اليهودية وطوائفها، وفي المسيحية والغنوصية، وفي مدارس البوذية الشمالية (الماهيانا) وغيرها، وفي بعض اتجاهات الفلسفة الأغريقية القديمة، ولا سيما اتجاهات دينية في الفترات المتأخرة من التاريخ القديم؛ مثل المانوية المنتشرة في ذلك الوقت على مساحة شاسعة امتدت من الأقاليم الغربية للإمبراطورية الرومانية وحتى الصين، وأَّعَدت الدور العالمي للديانة.
وقد ظهر النبي زرادشت بجوهر ديانته وعقائدها وطقوسها. وقد أثارت تعاليم زرادشت اهتماماً كبيراً منذُ العهد الأغريقي، وعدو بعض الكُتّاب الأوروبيين والمؤرخين تعاليم زرادشت الدينية والفلسفية أنها تعكس معلومات الطقوس والتعاليم المجوسية نفسها من الكهنة الذين عاشوا في إيران القديمة وأتباعهم: ميديا وپريسدا، وأخرى تتعلق بعقائد إيرانية أخرى. لذلك أنطلق في نهاية القرون الوسطى وبداية العصر الجديد، العلماء والمفكرون الأوربيون في آرائهم وأحكامهم حول الزرادشتية، فنسبوا إلى زرادشت مبادئ وآراء فلسفية ودينية شتى بعيدة جداً عن ما جاء به، ولا تمت بصلة إلى تعاليمه، ومنهم الفيلسوف الألماني نيتشه في كتابه (هكذا تكلم زرادشت)، وأطلقَ عليه اسم (زارا)، ويلاحظ مما تقدم أن الاختلاف في اسمه يدور بين زرادشت وزارا وزرادسترا، فكلها أسماء متشابهة، فهذا اختلاف طفيف ومتقارب، فربما كان المنشأ لهذا الاختلاف هو تنقل هذا الاسم بعهد سحيق مما أدى إلى التغيير في حقب زمنية سحيقة.
وكتاب زرادشت المقدس هو (أڤستا)، والمقدس للدينة الزرادشتية، إلا أن لغته الأصيلة كانت باللغة الأڤستية، وهي إحدى اللغات الإيرانية القديمة، ويرى المستشرق (گرانتوفسكي) (۱۹۳۲-۱۹۹5)، إن "أولى ترجمة أوربية لأفستا صدرت في عام 1771م لـ(لأنكيتيل ديوپيرون)، الذي قضى عدة أعوام في الهند، حيث تعلم على يد الزرادشتيين الپارسيين. وقد قيَّم هذا العمل مع مرور الزمن، كعمل بطولي للعالم الفرنسي.
وكُسِرَ الكتاب على مقدمة ومدخل خمسة فصول، تضمن الفصل الأول على حياة زرادشت وطفولة ومرحلة شبابه وزواجه، وتعليمه الديني، أما الفصل الثاني فقد احتوى على أصول الديانة الزرادشتية، وعلى ما جاء به زرادشت من دلائل على وجود إله واحد متفرد بالخلق والإيجاد، ومجرد عن المشابهة والمماثلة بالغير، فالصفة التجريدية وحدها هي التي لم تكن معهودة ولا مألوفة في الاعتقادات الوثنية لأهالي مادا وفارس.
أما الفصل الثالث فقد احتوى على فروع الديانة الزرادشتية، من الصلاة والزكاة والطهارة والعبادة والزواج والأسرة، وفروع أخرى من الدين تم تسليط الضوء عليها. أما الفصل الرابع فقد سلطنا الضوء على الانقسامات التي حصلت في الديانة أمثال الزروانية والمانية والمزدكية وغيرها من الانقسامات التي حصلت، مما أدت إلى غروب الديانة الزرادشتية وانحسارها بعد ظهور الدعوة الإسلامية. ثم تبعها ملاحق سلطنا الضوء فيها على الأناشيد السماوية الگاتا، وترانيم زرادشت (اهنود گات) و(اشتود گات) و(سبنتمد گات) و(وهوخشتر گات).
وملخص الكتاب، كانت أهدافه: البحث كدراسة قد تعرض للتحليل لأصول وفروع الدين الزرادشتي القديم، موضحاً المظاهر التي طرأت وكانتسائدة قبل زرادشت، ثم عرض البحث تاريخ الديانة الزرادشتية حتى غروبها في يومنا هذا.
أما مراجع الكتاب: فقد اعتمدنا على بعض الكتب العربية التي أرخت تاريخ الزرادشتية. منها: أفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية. تأريخ الزرادشتية من بدايتها حتى القرن العشرين، للمؤلفة ماري بويس. الميثولوجيا في النص التاريخي الديني، للدكتور رشيد باني الظالمي. الزرادشتية الديانة والطقوس والتحولات اللاحقة، للدكتور جمشيد يوسفي. زرادشت والزرادشتية، للدكتور الشفيع الماحي أحمد. الزرادشتية الفجر- الغروب، للدكتور ر. س. زيهنر.
والنتيجة: أثبت في هذا الكتاب أن الدين الزرادشتي هو دين أوحى به الله إلى زرادشت، وبقي كامناً ومحافظاً على أصول الدين الحق منذ ذلك الزمن البعيد إلى وقتنا الحاضر.