عبر النوافذ، تتدافع خطوط التلغراف مسرعة نحو ظلمةِ النفق. تصطكّ عربات المترو، تحدث صليلاً ووشوشةً في الآذان. يتراصف الجالسون بصمت. امرأتان تتحدثان عن أمر خاص، تعلو ضحكةٌ.

تقف أمامي فتاة في الثامنة عشرة من عمرها. ينسدل شعرها الاشقر على عينيها الخضراوين. يلتفّ شال أبيض حول رقبتها الرقيقة. تُطبق شفتيها الحمراوين فيستقرّ خال على الشفة العليا. رَفعت عينيها بحركة بطيئة وصوبت بؤبؤيهما نحوي، ثم أرسلتهما الى الزاوية السفلى في طرفي محجريهما.

ضغط السائق على الكوابح، فأرسلت العجلات ضجيجاً تردد صداه على الجدران المرمرية للمحطة.

انفتح الباب، وتدافع حشد من الناس فانزلقتُ بينهم خارجاً بخطوات تائهة.

اندفعت العربات مبتعدة، فلمحتُ ذات الشعر الاشقر، جالسة على الكرسي تتمايل مع حركة القطار.



عبد الرضا المادح

موسكو

29/ 09/ 1987