27-03-2025

أصبح الموت هو السمة المميزة للوجود الإنساني)*

كنت جالسًا في المحطة الأخيرة التي وصل إليها القطار بعد عبور الكثير من المحطات... الغريب في الأمر أنني وجدت اسمي مكتوبًا على لوحة داخل المحطة. كنت متضايقًا من وجودي هنا؛ لأنني شعرت بضيق المكان. التفتُّ يمينًا وشمالًا، فلم أجد أحدًا سوى باقة ورد ذابلة، ربما تُرِكَت هنا قبل شهر. لم يأتِ أحدٌ، لا إنسانٌ ولا ملاك، ليقول لي شيئًا... ربما هذا ما كنت أفكر فيه، وهذا محض هراء...!

في خريف العمر، ربما لم أعُد أكترث بما يأتي. الأيام تمضي كسحابة صيف عابرة، لم يأتِ منها المطر ليبلل العمر بقطرة ماء... هذا ما قاله لي أبو آدم.

قلت له:
 — يا صديقي، المنكِّد عليَّ راحة بالي وما بقي من سنواتي... لماذا أنت متشائم؟

قال:
 — لا يا صديقي المتفائل! يبدو أنك فهمتني خطأ...!

قلتُ، وبشيءٍ من السخرية:
 — وما هو الصحيح يا فهيم زمانك؟

لم يكترث بما قلت. أخذ صمتًا قصيرًا وغرق في خياله البعيد... ثم قال:
 — ربما الحياة، بجزءٍ كبيرٍ منها، هي مجرد انتظار متراكم للأشياء الجميلة وغير الجميلة، التي نتمناها أو لا نتمناها...

قبل أن آتي إلى الحياة، كنتُ في بطن أمي لمدة تسعة أشهر. كان هذا انتظارًا طويلًا قياسًا بالزمن، لكنني لا أعرف لماذا تسعة أشهر... أو سبعة أشهر...؟ لكن لا يختلف الأمر؛ كنتُ متضايقًا من الانتظار وأريد أن أخرج...

خرجتُ وأنا سعيد بهذا... مضت سنوات وسنوات، وأمّلت نفسي بأن أكبر مثل الشباب الآخرين دون انتظار لمرحلة الطفولة البريئة الجميلة...

في زهرة شبابي، حلمتُ بالكثير من الأمنيات والطموحات التي أخذت مني الوقت في الانتظار: في الحب، والزواج، والوظيفة، والسياسة بشكل خاص... والتي جعلتني أكبر عمرًا لأنني كنت أحلم خارج الواقع...!

كنتُ أعدُّ الزمن بالأشبار، وها أنا أعدُّه بدقات الساعات في المدن...!

الوقت الذي يمضي في الانتظار كثير، ويمر بمراحل متعددة من العمر... لكنها فرصة ما بقي من عمري للعيش في الحياة، وأنا في خريف العمر... لا يهم أن أخذت مساحة صغيرة في الأرض، طولها (168 سم) وعرضها (60 سم) في المحطة الأخيرة...! ؟

----------------------------------------

الكاتبة: حنة آرندت
 الشاعر: عبد الكريم كاصد