خلقنا على أشياء ظاهرية رأسنا فوق وأطرافنا تحت وإذا بنا نرى أنفسنا نتدلّى بالمقلوب . نسمع عن الفضيلة وإذا بالرذيلة هي المنتصرة ، نسمع عن الشرف ولم نجد غير البغي ، نؤسس للسلام وإذا بالحرب هي السائدة ، نسعى للحياة ولم نحصد غير الموت ، نريد الضحك لكن البكاء هو الطاغي ، نتحدث عن العقل وإذا بالجهل هو السيد . نرسمُ للإخلاص لكن الخيانة هي الأقوى. نسمع عن الأمانة وإذا بالكثير سارقون ، نشتهي الجنس وحالما ننتهي منه نقرف من أنفسنا . نؤمن بالأديان على أنها هي الملاذ وإذا بها هي السبب في مأساتنا . نؤمن بالأنبياء على أنهم الخلاص وإذا بهم سببا للتناحر بين الأنام مثلما نرى حرب الإسلام واليهود وكل يعمل بمشورة ربه وأنبيائه ونبؤاتهم ، وقد ضاعت حياتنا بين شعب الله المختار وشعوب خير أمةٍ في الآرض. نؤمن بالله بأنه هو الصادق وإذا به هو من يشرّع الفرقة بين الناس ويعطي الفرصة للقتل بأساليب ماكرة مثلما اهتدى بها ( ترامب) حين قال أنا أوقفت الحرب الأوكرانية وهذا يجعلني أدخل الجنة بينما هو القاتل الأول بل هو رئيس القتلة . عُلّقنا بالمقلوب من اللامكان ولاجذور لنا وننتهي في أيةِ لحظة ونموت دون أي حصانة تذكر ولذلك قال المسرحي والشاعر الناقد الأيرلندي(صمويل بيكيت) حين دخل الى بيته أحد اصدقاءه فوجده يعلق صورته بالمقلوب فظن الصديق ربما صمويل لم ينتبه وإذا به يقول له : أنا وضعتها هكذا لآن حياتنا كلها بالمقلوب ، حياة ناقصة عبثية رخيصة جعلتنا في حالة تدلّي رأساً على عقب وفي أية لحظةٍ سنسقط وننتهي على رؤوسنا ونذهب الى العدم وتتحلل خلايانا ويذوب مصدر عقلنا وإحساسنا في اللاشيء . ومن بين كل هذا الألم لايوجد شيء جميل في هذه الحياة سوى الموت لآن الميّت وفي لحظة موته لايعرف أنه قد مات ومن هذا الجمال أيضا نرسو ونقول على أن الحياة بالمقلوب لآنه من المفروض أن تكون الحياة هي الأجمل من الموت ، لكن وجودنا يحكي أن كل شيء يجري بالمقلوب ، ولذا اقف وأعترف : أنها حياة تافهة رخيصة ليس لها أي معنى . والأنكى من ذلك ليس لنا بدٌ سوى أن نعيشها !!.
هاتف بشبوش/ شاعر وناقد عراقي