الصيغة الفنية والتعبيرية الدالة , ترسم أبعاد متشعبة من اللوحة العراقية من عهد البعث الحزب والثورة , في أدق التفاصيل اليومية  , من تلك المرحلة المظلمة والسيئة , في نهج الارهاب والقمع ومطاردة المواطنين الذين لم ينتموا الى حزب البعث , بل هم في الضفة المعارضة السياسية , سواء كانت اسلامية وغير اسلامية  , فكلهم تحت مجهر المراقبة والترصد والاقتناص  من جلاوزة الحزب  في تقاريرهم الكيدية , لزجهم في الاعتقال والسجن , وربما يتطور الأمر إلى اكثر فداحة الى الموت بإحدى الطريقتين الوحشيتين , الرمي في احواض التيزاب ,  أو الى ماكنة الثرم , هذا ما دأب  عليه البعث في الحكم في نهج البطش والتنكيل بالارهاب السياسي للمعارضين ,  وكذلك للناس الابرياء , في مبدأ ان لم تكن معي فأنت ضدي لا تستحق الحياة , نظام غير إنساني ,  بل الصفة الوحشية قليلة بحقه , مكونات الحدث السردي , تدور حول مجموعة من  الشباب إلاسلاميين من حزب الدعوة ,  اتباع الشهيد محمد باقر الصدر , كانت الحياة آنذاك قاسية في المعاناة لا تثمر الجمال والحب ,  بل تزرع الموت والحرب , من أجل تصريف أزماته الداخلية , اطلاق العنان الى   جلاوزة الحزب في المراقبة المشددة والصارمة , مما خلق شرخاً  كبيراً بين نظام الحكم  وعموم الشعب   , لذلك انتهج سياسة شوفينية صرفة مع شريحة عراقية اصيلة , عراقية الاصل والنسب عن اب وجد , وهم  الكورد الفيلية , , في نهب ممتلكاتهم ووقمع انسايتهم  وتسفيرهم الى الحدود الايرانية , بحجة واهية بأنهم من التبعية الايرانية , هكذا وبكل بساطة جردهم من حق المواطنة   ,  وسلب حقوقهم الانسانية في رميهم عند الحدود بطريقة بشعة , هذا ما حصل فعلاً ايام البعث   , وليس من نسيج الخيال , قصص مأساوية واقعية  تفتت الحجر والحديد لعمق المآسي والاهوال التي حصلت , اضافة الى هذه الطامة الكبرى في تشتيت ابناء الوطن , قام بشن حرب ضروس عبثية ضد ايران , هذه الوقائع الحقيقية من النظام الوحشي حدثت فعلاً  ,  صيغت الحبكة الفنية  في اسلوب واقعي رصيينن ,  لتثبيت هذه الدلائل لتي تجرم الحزب والثورة بجرائم كبرى ضد الانسانية  , وباللغة السردية المتمكنة في تقنياتها في التناول والطرح والاقناع , وهي تتابع سيرة الشخصية المحورية الساردة ( حسين ) شاب يدرس صباحاً  في الجامعة , ويشتغل مساءاً قاطع تذاكر في المستشفى , وما وقعت علية من اهوال في حياته  كادت ان تؤدي به الى المجهول , أو  في زنازين  السجون من جلاوزة البعث الحزبين في تقاريرهم الكيدية  , تلك الغيوم الملبدة بسواد البعث المظلمة  , كان الموطن يرزح تحت رحمتها  بالخوف والرعب اليومي المتواصل , اي وضع النظام في اسلوبه الهمجي  الانسان ,  في دائرة ضيقة مسدودة  الابواب , وعلى المواطن ان يختار الموت في ارساله الى محرقة الحرب , أو الموت في الداخل بين العسف والظلم , فلا مكان للحياة والاحلام والامنيات والحب , صياغة الاحداث في السرد  , اعتمدت على تصعيد الاحداث في ديناميكية متصاعدة  الى قمة المعاناة  , احداث متلاحقة لا تترك القارى ان يتنفس الصعداء , في نيرانها المتصاعدة , والشيء المبدع والمتمكن , لم  يغوص الكاتب الروائي في التنظيرات الفكرية والفلسفية , وانما يترك القارئ ان يكتشفها في ابعادها  , ويستنتج  الحقيقية  الواقعية منها ,  والمتن  الروائي استغل تناص الاسطورة الدينية في الحزن العراقي المقيم منذ ولادة الانسان العراقي , في جريمة قابيل ودماء هابيل , حين ولد الحزن والفواجع والاهوال  منذ ذلك الحين , كأنها اصبحت حليب العراقي في الرضاعة ,  حيث استهل الاهداء بما يلي : الى حلمي الوردي / ذلك الحلم الذي اجهز عليه معتوه / شهر في وجهي سيف الفراق / الى ليالي الفقد الاليمة / اليها ........ اهدي كلماتي . 
   ×× لماذا سياسة التهجير الانتقامية ضد الكورد الفيلية ؟؟ 
  حقيقة بوادر هذا العداء يرجع إلى اسباب تاريخية من مراحل الصراع السياسي وتداعياته , فبعد انقلاب البعث عام 1963 , , وقفت المناطق بغداد سكنة   الكورد الفيلية , وخاصة شارع الكفاح  , في مقاومة الانقلابيين  في المجابهة المسلحة , فظلت هذه المناطق عصية وخارج سيطرة الانقلابين لمدة اسبوعين , بروح التحدي والمقاومة من الغرائز الطبيعية لهذه الشريحة العراقية الاصيلة نسباً وانتماءاً  الى تربة  الوطن العراق , تاريخهم مكلل بكسر رؤوس الطغاة على مختلف العصور , فزرع البعث في نهجه وعقليته روح العداء والانتقام  منهم , وعند مجيئه ثانية الى الحكم , نفذ وعده الانتقامي من هذه الشريحة العراقية الاصيلة الكورد الفيليين , في تهجرهم وتسفيرهم  الى الحدود الايرانية بحجة التبعية الايرانية , بعدما سلب اموالهم وممتلكاتهم ونزعهم من أرض الوطن قسوة واجحافاً , في معاملة وحشية , تفتقد الى ابسط الحقوق الانسانية , لتغتال حياتهم و احلامهم  وامانيهم تحت خيمة  الوطن . أن يتجرعوا كأس الحنظل  بالأهوال والمصائب . 
   ×× سيرة الحدث السردي : 
 استيقظ  ( حسين )  السارد   الحدث السردي , او ما يطلق عليه ضمير المتكلم , أو  الصوت الواحد  ( مونو فونيه )  مرعوباً في الصباح الباكر من حلم مرعوباً أفزعه , وحينما ذهب الى شيخ الجامع , قال له : بأن الأحلام في الفجر تعتبر رؤيا ترسم الخطوط العامة  لحياتك المستقبلية , وفي هذه الرؤيا كانت هناك تذاكر سفر ملونة , فهو  اختار تذكرة السفر الحمراء ,  بلا عودة أو رجعة . كان يدرس في الجامعة وفي المساء يعمل في المستشفى قاطع تذاكر , لكي يساعد أهله في الحياة المعيشية , يتعرض على الدوام  لمضايقات جلاوزة البعث , في الإيقاع به في تقارير كيدية , وكان تحت مجهر المراقبة الامنية , لانه لم ينتمي الى حزب البعث , ومتهماً بتوجهه الإسلامي , ويلتقي مع اصدقاء متهمين الى حزب الدعوة والى المرجع الاسلامي محمد باقر الصدر ,  احب ( زينب ) شقيقة صديقه ( عباس ) وتطورت علاقة الحب الصادقة بين الجانبين الى عقد الزوج , كأن السعادة فتحت ابوابها بهذا الزواج الميمون , لكن لم يعرف العواقب التالية , وفي احدى الايام رغبت زوجته ( زينب ) لزيارة اهلها واوصلها وذهب الى عمله , وحين رجع في المساء , كان له القدر بالمرصاد , فعرف أن زوجته هجرت مع عائلتها إلى الحدود بحجة التبعية الايرانية  , لم يتحمل الصدمة شلت كيانه وادخلته في دهاليز الحزن والوجع ( للحظات اخذت أدور في البيت كالثور الهائج , وانا افكر في كل ماجرى وما يجري ,على الفور أوقدت الشموع  في جميع أركان البيت اعلاناً للحداد )  , وبعد اسبوع اصابته فادحة اخرى بوفاة أمه , وبعد التخرج من الجامعة جند الى محرقة الحرب الى جبهات القتال , كأن الصدمات تأتي تباعاً بدون توقف ( لا غرابة تضاهي غربة رجل ابتعد عن القافلة المسافر معها , في وسط الصحراء , وظل به السبل كي يعود الى قافلته) , كانت اهوال خنادق القتال مرعبة ومخيفة , لم تتوقف الصواريخ التي تنهال على الخنادق , وتحولها  الى ملاجئ محطمة ,  تنبعث منها بروائح  غريبة بالاجساد البشرية  المشوية بنار الصواريخ المتساقطة عليها  , اين المفر والخلاص ؟ ترك الخنادق يتعرض للنار من  القطعات الخلفية  بالإعدام مع تهمة الخيانة والجبن  , يعني الموت أمامكم وخلفكم ,  وما انتم إلا  وقود وحطب  لادامة طاحونة الحرب , وفي هجوم صاعق وقع في الأسر ,اعتبر  هذا الاسر يمكن أن يقربه الى زوجته في الوصول إليها , مهما كانت المخاطر والمجازفات , فكان يتحين الفرص للهروب من معسكر الأسر , وعدة مرات تظاهر بالمرض ويرسل الى المستشفى ,  ويرجعونه ثانية  الى معسكر الأسر, وفكر بطريقة أكثر خطورة , هو حقن جلده بالنفط الابيض , وبالفعل جازف ونقلته سيارة الإسعاف الى المستشفى , وهناك ابتسم له الحظ ,  صادف  زيارة رجل دين لبناني يتفقد المرضى في المستشفى ,  واطلع على حالته المأساوية , فاصر رجل الدين أن يطلق سراحه من الأسر والمستشفى , فكان له ذلك , وبدأت رحلة البحث عن زوجته ( زينب ) في طهران سأل الكثير من العراقيين المتواجدين , وقالوا له : ان شقيقها ( عباس ) يأتي كل خميس للصلاة في الحسينية , داعبه الفرح بأنه أصبح قاب قوسين أو ادنى من حبيبته (أغداً ألقاك يا لهف فؤادي من غدي ... أغدا ألقاك يا لشوقي بانتظار الموعد ) وبالفعل وجد الدليل الذي يعرف بيت عائلة زوجته ( زينب ) وعند باب البيت , داهمته  شتى  افكار   بين الفرح والحزن ,  وكأن زمن الوصول الى المشتهى طال  , وجاءت لحظات اللقاء الموعود  ( لحظات كاد قلبي ان يسقط أمامي , أخذت أطرق الباب وماهي إلا لحظات حتى انفتحت .وبانفتاحها شعرت كأن آلام السنين قد انمحت من سموات حياتي ) استقبله صديقه ( عباس ) بالدموع والاحضان , وهو متشوق على جمرة النار لرؤية زوجته ( زينب ) شلت كيانه حين علم بأنها توفيت حزناً عليه , لم  تتحمل فواجع الفراق   عليه ,  فماتت بالحسرة والقهر, وجال  بصره في غرفة زوجته ,  وجد طفلاً نائماً يشبهه في طفولته تماماً , فقال له عباس ( انه ابنك سجاد ) كأنه  ثمرة الحب والعشق بولادة ( سجاد )  بأن الحياة لا تموت بل تحيا من الالم والوجع