الشهيد الذي قاتل لأخر رصاصة /  اشتي

الشهيد الذي سوف نروي حكايته هذه المرة هو لا يختلف كثيرا عن رفاقه الشهداء سوى بطريقة استشهاده، رغم أن للشهداء صفات مشتركة في اغلب الاحيان، إلا أن هذا الشهيد كان يوحي بكل حركة من أنه مشروع استشهاد، فقد خرج من العراق على إثر هجمة النظام المقبور ضد الشيوعيين والديمقراطيين، كانت بلغاريا محطته الأولى، وبعد أتخاذ الحزب لسياسية الكفاح المسلح، انتقل إلى لبنان محطته الثانية، حيث تدرب على كافة أنواع الاسلحة، يومها كان لبنان ملاذا عسكريا لكافة فصائل المقاومة الفلسطينية، ولم يمض على وجوده في لبنان ستة اشهر حتى عبر سرا مع مجموعة من رفاقه عائد للوطن.

وصل الشهيد( أبو رستم) إلى (گلي كوماته) في منتصف عام 1980، شاب لم يصل الثالثة والعشرين من عمره، أطال شعر ذقنه تيمنا بجيفارا ومقولته الشهيرة( تتعرف على الثوري من رائحته) ولكن هذا الذقن الاسود أضاف وسامة على وسامته، كان يقوم بجميع الأعمال حتى تلك التي لم يُكلف بها، يتحرق شوقا إلى بغداد ويُمني النفس بمقاتلة النظام هناك، لهذا كان من ضمن المفارز القتالية الأولى، وبعد إعادة تشكيل المفارز كان (ودود شاكر) وهذا اسمه الصريح أمر فصيل في السرية المستقلة.

بعد معركة سينا وشيخ خدر التي حدثت في 19 شباط 1982، وقد استشهد فيها الرفيقان حكمت (رافد اسحق) وعايد (هيثم ناصر الحيدر)، تم تكليف الشهيد أبو رستم مع النصيرين وسام وحازم في اللقاء مع مفرزة كانت تجوب في منطقة العمادية للبحث عن أهداف عسكرية هناك، وكان الطريق الذي يسلكونه يكاد أن يكون بعيدا عن مواقع السلطة، حتى استقر بهم المبيت في قرية مروگي في دشت نهله وهي من القرى التابعة اداريا إلى ناحية بكرمان، ناموا الليل في القرية وكعادة الأنصار الشيوعيين في عدم الأثقال على الفلاحين، تزودوا من القرية بالخبز وذهبوا إلى واد يسمى چناركي، ومثلما تعود الأنصار في اماكن الاستراحة أن يعدوا طعام فطورهم من الشاي والخبز وما تزودوا به، جمع الرفاق الثلاثة بعض الأغصان اليابسة وبدأ الشهيد أبو رستم بإشعال النار من أجل أعداد الشاي، وضع علبة حليب الكيكوز بالقرب من النار المشتعلة بعد أن ملأها بالماء، وفجأة بدأت زخات من الرصاص تنهال عليهم، وكانت مصوبة على الشهيد ابو رستم، وفي لحظة تناول بندقيته التي كانت قريبة منه، وقد أنبطح على بطنه وبدأ يرد على مصدر النيران، ثم تحرك ليجعل من جذع الشجرة القريبة ستارا له، رفيقاه من جانبهم أيضا كانا يردان على الكمين، لم يتوقف ابو رستم عن القتال رغم اصابته الكبيرة، بعد ذلك خاطب رفيقه وسام قائلا(وسام انسحب وأنا سوف ابقي طلقة واحدة لكي لا اقع اسيرا بأيديهم) وقد نفذ ما قاله لوسام. وكان ذلك بتاريخ 12 اذار 1982.