اوراق من الذاكرة (٥) / يونس محمد
ربية سه ري سيرين
من المفارقات في الحياة بانك لم تفكر يوما ما العودة الى نفس المكان بمفاهيم مختلفة لم يخطر لك بالبال ، في خريف ١٩٧٨ كنت عائدا الى مدينة چومان وكان في الحافلة التي ذاهبا بها عدد من الجنود ، توقفنا عند قرية به رسرين نزلوا منها الجنود ، قلت لهم"عالسلامة وصلتم مكانكم " اجابني نائب ضابط كان من بينهم "وين بعد بعد٤٥ دقيقة صعود الجبل ، نظرت الى القمة وتسألت كيف من الممكن ان احد يصل الى هناك لضرب الربية ،لم افكر في يوم من الايام اتخذ قرارا مفصليا لاقتحام هذه الربية ويغر نوعيا من مسار حركة الانصار.
كلمني الرفيق خدر كاكيل عن هذه الربية بان المكان كان ربية مراقبة الطريق العام "طريق هاملت" لانصار حشع اثناء ثورة ايلول الكردية بعد انقلاب شباط ١٩٦٣ وكان مزود بمدفع هاون وكان الرفيق خدر كاكيل ضمن افرد الربية لكنه غادرها عندما وصل موكب الرئيس عبدالرحمان عارف ، الذي جاء للتباحث مع القيادة الكردية وتمخض عنها بيان ٢٩ ايلول.
الربية تقع على قمة جبل سيرين وكانت تطل على طريق هاملت وممكن رؤيتها من رواندوز فكانت تطل على اماكن استراتيجية ، عدد الجنود كان لا يزيد عن ٢٠ جنديا وكان فيها نقطتين للحراسة وامام الربية حقل للالغام.
في بداية شهر اذار ١٩٨٢ جائني الرفيق خدر كاكيل برفقة الرفيق كمال"علي مولود" كنت اقود سرية روست بالوكالة بسبب وجود ابو داوود وابو راستي مع٢٧ نصيرا في پشت اشان ، حدثي الرفيق خدر كاكيل بأنه يريد نقل خبرته القتالية الى الرفاق الانصار وانه كبير في العمر لن يعش اكثر من بضعة سنوات ،اجبته انا المسؤول هنا وحياة الرفاق أمانة عندي لا اريد شهداء وان يتحولوا الرفاق الى ملصقات جدارية رغم كل الرفاق مستعدون التضحية بارواحهم من اجل رفع راية الحزب ، بعد نقاش مسهب اتفقت معه ان يقود مفرزة استطلاع من ١٥ نصير وان يختاره هو وبموافقة الرفاق بدون احراج ، في نفس الوقت شكلت مفرزة ثانية من ١٢ نصير بقيادة الرفيق سيروان و مساعدة الرفيق هوگر ، طلبت من الرفيق هوگر بعدم الاشتباك مع القوات الحكومية إلا اذا اضطريتم لذلك دفاعا عن النفس ،الرفيق لم يفهم قصدي وانتقدني في اجتماع موسع لاحق قبل اقتحام الربية ، كان هدفي من المفرزة الثانية هو للتمويه وابعاد مفرزة خدر كاكيل من الشبهات ، في ليلة١٥ اذار تم استطلاع ربية سه ري سيرين فوجد الرفيق مام خدر ممكن المباشرة بالعملية لكن رفاق المفرزة اعترضوا وقلوا له مهمتنا استطلاعية ، عادة المفرزة وتناقشنا نتيجة الاستطلاع تم اختيار ربيتن الاولى ربية سه ري سيرين الثانية ريزان الذي اقتحمت في السادس من شهر تشرين الثاني ١٩٨٢، حددنا لية ٣١ اذار ١٩٨٢ موعدا للعملية .
في يوم٢٤ اذار ١٩٨٢ عادة مفرزة لرفاقنا من پشت آشان من٢٨ رفيقا بقيادة الرفيق ابو داوود ،اطلعت الرفيق ابو داوود عن خطة اقتحام ربية سه ري سيرين وتحمس له وقال سيكون ضمن المفرزة اعدنا تركيبة مفرزة الاستطلاع وتم تغير خمسة رفاق ، كان معنوياتهم عالية لانهم وصلوا الى الربية قبل ذلك ، كان الرفاق هم(أبو داوود ، خدر كاكيل ،هوگر ،أبو ناتاشا، د. رنجبر ، منتصر ، رياض ، ملا عثمان ، كمال ، قادر بيشي ، أبو اذار ، ابو سعد ، ابو فيروز، ابو كفاح وابو باڤل).
بعد ظهر يوم ٣٠ اذار ١٩٨٢ تم تحرك المفرزة على شكل مجاميع صغيرة ، بعد الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر جائني الرفيق ابو داوود وكان قلقا ومتوترا بعد النقاش قلت له( رفيق الان تأخرنا لوقف العملية ، أذا كنت لا تريد الذهاب فانا ذاهب لانه اصبح من الصعب التراجع)، ادار ظهره والتحق بالمفرزة.
تم العملية بنجاح ،استشهد الرفيق ابو كفاح وجرح الرفيق كمال برصاصة في فخذه اليسرا ، وابو اذار بأطلاقة في الجنب ولحسن الحظ خرجة الرصاص من اجسامهم ، واصيب الرفيق ابو داوود بشظية بعينه اليمنى وجرحوا عدد اخر بجروح طفيفة ممكن ان يحدث عند تكسير الحطب ،الجروح كانت بسبب شظايا قنبلة يدوية قذفها امر الربية .
اعلمنا قيادة الحزب بالعملية عن طريق حدك حيث جائوا لمشاركتنا في احتفالات ذكرى تأسيس الحزب ، أذيعة البيان من اذاعة صوت الشعب العراقي وحصل خطأ في البيان حيث اعلن عن اسمي كشهيد ، لكن تم تصحيح البيان في اليوم الثاني .
حصل الرفاق على غنائم من بينها مدفع هاون عيار ٨٢ملم ورشاش بي .كي .سي واسر اثنين من الجنود ، حدثني احد الجنود بانهم شعروا قبل اسبوعين من العملية بتحرك بين الاحراش الدائرة حول الربية وسمعوا اصوات حركة غريبة وانهم ابلغوا امر الربية لكنه لم يأخذ ذلك بجد وقال انهم الغزلان يرعون بالقرب من الربية .
العملية كان له وقع كبير بين انصار حشع والجماهير كانت محل اعجاب ودهشةالاحزاب الكردستانية ، وقال عنها امر فوج به رسرين بالشجاعة
ماموستا سعد