بعد ان تيقنت من لا جدوى متابعة رفاقي في الشورجة  واوصلت الاخبار الى إباء واهله، بقت امامي وصية رفاقي ابو الطيب وبهار ( سلام ابراهيم وزوجته ناهدة) وكان الرجاء هو معرفة اخبار ابنهم كفاح وعمره ٦ سنوات و الذي بقى مع اهلهم في الديوانية، ولكن سلام لم يطلب مني الذهاب الى الديوانية لصعوبة الامر ولربما اهلهم سوف لا يتقبلوا السؤال مني وانا الغريب عنهم وفي تلك الظروف ، ففضل ان اتصل بصديق يسكن مدينة الحرية قرب ساحة عدن وهو المرحوم عبد الحسين وحسب الوصف  ذهبت ووجد زوجته في البيت وسألت عنه واخبرتها انا من طرف سلام وزوجته، فرحبت بيّ و قالت : هسه يجي

ودقائق حضر عبد الحسين وبعد الترحيب والسؤال عن سلام وزوجته وظروف حياتهم  ، سألته عن كفاح وقال على الفور انه سيتصل بأخت سلام الطالبة في بغداد وهي صديقة اخت عبد الحسين التي تسكن البيت المجاور  ، وبادرت زوجة عبد الحسين  الحديث وقالت لي : تدري البارحة وين راح عبد الحسين

اجبت على الفور : وين

قالت وهي توجه الكلام له: احچي 

فقال  و بنبرة حزينة وكأنه فاق للتو من كابوس

البارحة رحت استلم اغراض رسمية جبر الوزني ( ام لينا)

ارتبكت انا قليلا وسألته  من اين تستلمها وهل من الممكن الاتصال بها

فقال بأحباط كبير  : يا تتصل يمعود ، اني رحت الى قاوش الاعدام حسب طلبها كي تسلمني الامانات الخاصة بها.

تسليم العائدات الشخصية للمحكوم بالاعدام هو اجراء يسبق التنفيذ .

وواصل عبد الحسين الكلام وقال قبل تنفيذ حكم الاعدام  بها بدأت تهتف بحياة الحزب، 

شعرت ان عبد الحسين اصيب بقشعريرة خفيفة وهو يتكلم 

عن تلك البطولة

في هذه الاثناء دخلت اخت عبد الحسين  وابدت استعدادها لدعوة اخت سلام ومعرفة اخبار الطفل كفاح ، وقالت : لازم تجينا يوم جمعة مبكر كي استطيع الذهاب لها وسيكون لديها متسع من الوقت لكي تاتي هنا.

وافقت على ان آتي بيوم جمعة 

ودعتهم  وقبل ان اغادر سألت عبد الحسين عن وضعه هو : شنو انت هنا؟ شلون عايش؟

قال : على الله

اردفت: كلنا على الله بس انت فرار؟

قال : طبعا متشوف اني ما چنت بالبيت ،

ضحكنا معا واطمئنيت له قليلا !!

اقول قليلا لاني ليس من السهل ان اطمئن لشخص ومن اول لقاء.

اللقاء الثاني جاء دون موعد كالعادة.

سأتحدث عن هذا اللقاء بعد ان اوضح أمر مهم، لا اعرف المدرسة اللعينة التي دربت المخابرات والاجهزة الامنية البعثية وبالتأكيد امتزجت الاكاديمية والتنظيم العالي بأنعدام الضمير وروح الاجرام والانتقام، واغلب رفاقنا الذين خاضوا غمار هذا العمل الشريف تعرضوا للاسلوب ذاته وهو اعطاء الحرية المطلقة لهم في بداية نزولهم وتسهيل الامر وخلق اجواء مشجعة  مع رقابة صارمة وغير متوقعة ، وبالتأكيد يرافقها شراء ذمم وارهاب الضحايا وتهديدهم واغلب الناس لا يقوون على المقاومة وإلا سيكون مصيرهم الاعدام و الثرم والتغييب .

لقائي مع عبد الحسين كان صباحا جلسنا في بيته والاحاديث كانت لطيفة ومنوعة وتحدث كثيرا عن علاقته بسلام ابراهيم ( ابو الطيب) والظروف التي واجهوها معا

واستدرك بسؤال : انت تشرب؟

اجبته : نعم

فقال :نذهب الى دكان يبيع  المشروب  

استدركت وماذا عن اخبار كفاح

قال : اختي بعده بالبيت وستذهب بعد قليل وسيكون اللقاء مع اخت سلام في بيتنا عصرا على اقل تقدير، وأكمل حديثه : ان لدينا متسع من الوقت لان نذهب ونشتري المشروب  ونقضي بعض الوقت في منطقتك التي ولدت بها ( كنت قد اخبرته بذلك عندما سألني كيف لي ان عرفت بيتهم وجئت مباشرة دون ارباك وحسب الوصف الذي اعطانيها  سلام ابراهيم).

لم امانع بالذهاب مع عبد الحسين لشراء المشروب والتجول والاستكشاف، كنت على شك انني مراقب!!

ولايمكن ان يكون الامر بهذه السهولة،  ولكني عملت ب حقيقة ، لنفرض انهم يراقبوني فلم يلقون القبض علي كعادتهم بل سيتركوني اتحرك اكثر وتكتمل لهم معالم الصورة والمساحة التي اتحرك بها.

اخذني عبد الحسين الى دكان في احد اركان شارع الكازينو المؤدي الى المشتل في مدينة الحرية - الكرخ  وهذا الشارع ( الكازينو) سبق وان كان سكن العائلة من ١٩٦٢ الى ١٩٦٥  قبل ان ينتقل الاهل الى بيت في منطقة البستان ( وهو بستان عبد الهادي الچلبي) في مدينة الحرية.

في الدكان كان مجموعة رجال  احدهم كان يمسك الدخل والاخرين موزعين  بالمحل، لمحت احد الوجوه التي اعرف ولايمكن له ان يشخصني لاني تركت مدينة الحرية وعمري ١٢ سنة ، وعمري اثناء هذا اللقاء الغير سار  كان ٢٦ سنة وطرأ الكثير من   التغيير على شكلي  بالاضافة الى ان هذا الشخص السيء لم يكن من اصدقائي فهو يكبرني بعشر سنوات، ولكنه ساهم فعليا بألقاء القبض على عمي المناضل الصحفي عبد المنعم الاعسم ولاحق شيوعيين المنطقة وضواحيها،،

هو : علي ( الايراني)

سآواصل

الصورة للشهيدة البطلة أم لينا ( رسمية جبر الوزني)