بالرغم من الحياة المعيشية الصعبة، وبالرغم من الخوف من بطش النظام، فأنّ قرى كردستان فتحت ابوابها للانصار والبيشمركة على حد سواء. قدموا لهم كلّ ما يستطيعون، وتقاسموا معهم الخبز والغطاء، وشارك البعض من ابنائهم في قتال قوات النظام وجحوشه. وبالمقابل لم يبخل الانصار في تقديم العون للاهالي في مختلف المجالات وخاصة المساعدات الطبية والعينية، بالاضافة الى الدفاع عنهم امام هجمات السلطة، مما عزّز من مكانة الحزب بين سكان المناطق التى يعمل في وسطها.

ومن الشخصيات التي مازلت اتذكرها، هو العم مام رسول (ساله يي) من قرية (سيساوا) وهي قرية تتميز عن قرى (ده شت حرير) بكثرة بيوتها وبساتينها ومراعيها الخضراء، بالاضافة الى انها قرية متحضرة نتيجة لقربها من الشارع العام بين شقلاوة وحرير.

في هذه القرية يعيش العم مام رسول وعائلته الكبيرة التي تعمل في تربية الماعز والاغنام والابقار التي يقتاتوت من خيراتها. هذا الرجل لم يتردد يوما في ايواء البيشمركة واطعامهم وتقديم ما هو ممكن مما يحتاجون اليه بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية او القومية. كان شخصا بملامح جذابة حيث شاربه المفتول ولحيته الكثة وابتسامته العريضة وكلامه الطيب.

استقبل في احد الايام، وبوجهه البشوش، مفرزتنا التي تتكون من 90 نصيرا، وهي  عبارة عن ثلاثة مفارز اجتمعت في مفرزة واحدة، والتي تحركت من منطقة (ره زكة) ومتجهة الى منطقة وقرية (سيساوا)، وبعد مسيرة طويلة في الجبال والوديان الوعرة، وصلنا جياعا ومتعبين الى القرية المذكورة، وحللنا ضيوفا عند العم مام رسول، الذي لم يتأخر في نحر خروفين من ماشيته تقديرا للانصار البيشمركة، فكان عشاءنا في تلك الليلة عشاءا دسما ( اللحم والرز الكوردي والفاصولياء اليابسة).

عن دورية  (النصير الشيوعي)