في 1/6/1979 وتنفيذا لنداء الحزب في انتهاج الكفاح المسلح كوسيلة لاسقاط النظام الديكتاتوري، توجهت من بلغاريا مع مجموعة من الرفاق الى بيروت للدخول في دورة عسكرية وذلك على يد الرفاق في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

وصلنا مطار بيروت عصرا، حيث كانت سيارة عسكرية مضللة تابعة للمقاومة الفلسطينية بانتظارنا خارج المطار. انطلقت بنا السيارة نحو حي الفاكهاني الواقع في بيروت الغربية التي كانت تحت سيطرة المقاومة الفلسطينية وحركة المقاومة الوطنية اللبنانية. صعدنا الى احدى الشقق الواقعة في الطابق السابع والعائدة لرفاقنا، وبوصولنا امتلئت الشقة حيث كان فيها في الاساس عدد من الرفاق بانتظار التوجه الى معسكر الناعمة.

نمنا ليلتنا في الشقة الضيقة، واستيقضنا مبكرا في صباح اليوم التالي، وبعد تناول ما تيسر من فطور مع كاس من الشاي توجهنا في سيارتين عسكريتين مضللتين ومطليتين بالطين الى معسكر الناعمة الذي يقع على الشريط الساحلي باتجاه الجنوب والذي يبعد مسافة 45 دقيقة عن العاصمة بيروت.

كان في استقبالنا الرفيق كريم احمد عضو المكتب السياسي للحزب وياسر عبد ربه عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وقائد المعسكر ابو العبد وابو امل ( جاسم ) المسؤول المكلف من قبل الحزب في قيادة المعسكر. تم الترحيب بنا وأُلقيت خطابات حماسية لشحذ الهمم. وبعد انتهاء مراسيم الاستقبال، اخذونا الى المستودع لاستلام الملابس العسكرية والاحذية، وكانت كلها مستعملة ومتسخة، ولم تسنح لنا الفرصة لغسلها على الاقل، لان قائد المعسكر طلب منا ان نستعد للتدريب بعد تناول طعام الغداء مباشرة الامر الذي ادى الى اصابة عدد من الرفاق بمرض الجرب.

تم توزيعنا في خيم على شكل مجاميع، كل مجموعة تتألف من 7 رفاق، عدا مجموعتنا التي كانت تتالف من 8 رفاق وكانت من حصتنا اخر خيمة تقع على الضفة اليسرى من المعسكر قرب الطريق المؤدية الى قرية الناعمة الواقعة اعلى الوادي.

كان علينا ان ننظم جدول للخدمة الرفاقية اليومية التي كانت من مهامه تنظيف الخيمة وترتيبها، غسل الصحون والملاعق والاقداح، جلب الماء والطعام للخيمة من غرفة المؤن والمطبخ الواقعين في بداية المعسكر والمسافة بين خيمتنا والمطبخ بحدود الكيلومتر او اكثر وهي مسافة لست بالقليلة لجلب المؤن والماء سيرا على الاقدام.

كنا ثمانية رفاق نتقاسم الخيمة واذكر منهم ابو كرار (وهو كوردي فيلي اختفى في لبنان)، وابو ازل (اسمه الاول حسن طالب جامعي من الكورد الايزيديين وكان طالبا في جامعة الموصل قسم الزراعة وهو الاخر اختفى في لبنان)، وابو سور (رعد محمد طالب جامعي في جامعة الموصل وهو حي يرزق وموجود في اربيل)، الفقيد ابو شروق (محمد خلف)، الفقيد ابو حازم (عبد محمد صحن)، الشهيد ابو علي النجار، جياب واسمه ظافر جاء معنا من بلغاريا وتحجج بان لديه عشو ليلي ويقال انه رجع للعراق في عام 1979 ، وانا ابو حسين (كريم حيدر) وكنت اصغرهم سنا في الخيمة.

كنا بحاجة لسبعة رفاق لتنظيم الخفارة اليومية لمدة اسبوع، ولذلك اقترحت على الرفاق ان ارتب جدول خفارة لمدة شهر لتجاوز عقدة الرفيق الثامن، ولكن مقترحي جوبه بالرفض واصر الباقون على الجدول الاسبوعي، وان ان يكون الرفيق الثامن كاحتياط يكلف بالخدمة الرفاقية  اثناء الطوارئ، ووقع الاختيار على الرفيق ابو ازل. طبعا ابو ازل كان فرحا جدا بقضية الاحتياط وقال (يمكن بالشهر مرة ما تلوحني الخدمة الرفاقية) ناسيا ما ستخبأه الايام.

لسوء حظ ابو ازل، فمنذ اليوم الثاني حل محل احد الرفاق الذي التوت قدمه ولم يعد قادرا على المشي، وفي اليوم الثالث تم استدعاء احد الرفاق الى بيروت وحل محله ابو ازل، وفي اليوم الرابع كلف الرفيق المكلف بالخدمة الرفاقية بمهمة تدريبية تمتد الى خارج المعسكر وحل محله ابو ازل، وفي اليوم الخامس كان الدور علي انا ولكن بسبب سوء الطعام تعرضت الى وعكة طرحتني الفراش وهنا ايظا حل محلي ابو ازل، فقال ابو ازل قال مازحا"عمي ما اريد اصير احتياط بعد واريد تنطوني مثل بقية الرفاق والاحتياط اخذوه الكم".

نصيحة: لا تكن احتياطا ابدا وخذ مكانك الطبيعي حتى ل اتصير مثل ابو ازل

(*عن دورية (النصير الشيوعي