خليل اوراها (روبرت ) ذلك الشاب المتمرد !!
رغم حمله السلاح في حركة الانصار، ورغم قساوة الحياة في جبال كردستان، إلا انّ تعلقه بالفن والتمثيل تحديدا لم يغادر تفكيره ابداً .كانت امنيته ان يكمل دراسته في اكاديمية الفنون الجميلة (تمثيل واخراج)، لذلك تراه يشارك في اعمال مسرحية مع عدد من الفنانين ومن بينهم الفنان النصير حيدر ابو حيدر .
كان روبرت مغامرا في كل شيء، يقاتل واقفا كما قال رفاقه، ولطالما تحدث عن لحظة موته وخشيته من عدم اللقاء باخواته باعتباره الاخ الوحيد لهن .وصلنا خبر استشهاده في معركة شيخكا اواسط 1987 في سهل الموصل.
قِفوا مكانكم!!
تجمعني بالنصيرة (كنار) الكثير من المشتركات، حيث غالبا ما نمارس رياضة المشي داخل المقر وكذلك استفدت كثيرا من معلوماتها عن الاعشاب التي تحيط بنا في كل مكان ..في مساء احد الايام، سمعنا رشقة اطلاق نار قادمة من نقطة الحراسة المتقدمة، فهرع الانصار صوب المكان، واذا بالنصيرة (كنار) في خصومة مع مجموعة مسلحة تريد اجتياز مقرنا للذهاب إلى الصوب الثاني ..يتحدثون الفارسية فقط، ويبدو ان مهمتهم استطلاعية لبعض الاهداف العسكرية في المنطقة .
صرخت بهم (كنار): قفوا مكانكم، لا يمكنكم الدخول الى المقر، وعليكم استبدال الطريق ..فانصاعوا الى الامر!، والملفت ان اهالي القرى رفضوا استقبالهم، فتناولوا غذائهم في البساتين.
تشابه الاسماء .. حبيب آلبي مثالاً !
لابد من اختيار اسم حركي لكل نصير يصل الى كردستان لضرورات امنية، فبرزت مشكلة تشابه الاسماء في القواطع والافواج المختلفة، وللتمييز بين الاسماء تم إلحاق صفة اخرى يفرضها واقع معين كالمهنة او الشكل او المظهر او غير ذلك...!. ومن بين الاسماء: ابو حسن وما اكثرهم، النصير ابو حسن (ياسر عرفات) ابن الجنوب الرائع الذي يعتمر اليشماغ بنفس طريقة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، النصير الراحل طيب القلب (ابو حسن بوريات) الذي امتهن مد انابيب الخدمة الصحية اثناء عمله في بغداد، واخيرا، النصير ابو حسن (حبيب ألبي) المشهور باجادته الكثير من المهن :تصميم ديكور مسارح، كهرباء، نجارة.....الخ .لم يرد طلبا لأحد إلا بعبارة: حاضر حبيب آلبي!. تعرفت عليه في براغ اثناء دراستي وكان صديقاً وفياً للعائلة، والتقيته ثانيةً في قاطع بهدينان، حيث اخفى وجهه للمفاجأة، فقلت له: ابو حسن آني هسه اسمي بلقيس!، وفي واحدة من زياراته لموقعنا في الفوج الاول، فاجئنا بابداعاته واختراعاته التي لم ولن تنتهي، فطلب علب حليب (نيدو) فارغة ليعمل منها نظاما (اروائيا) يغذي منها المطبخ بماء نقي وصافي، وفي مرة اخرى عمل فرنا من الصفائح، وظهر شكله يشبه مدرعة روسية من الحرب العالمية الثانية!، وفي المرة الثالثة التقينا مع جمهرة واسعة من محبيه في مدينة يوتوبوري السويدية .
القرية الحالمة (صوصيا) تشهد تأسيس اول مدرسة للاطفال..
كان حلماً يراودنا في تأسيس مدرسة للاطفال في قرية تدعى صوصيا، وجلّهم من العوائل المنفية من انصار الحزب الشيوعي وبيشمرگة الحزب الديموقراطي الكردستاني (حدك)، وكانت مستوياتهم مختلفة في مجال التعليم وفي مجال اجادتهم للغتين العربية والكردية .
جرى تجهيز غرفتين، ووصلت الينا سبورة من احدى القرى المجاورة عملنا منها سبورتين بعد تقطيعها. اما مواد التعليم، فكانت تنحصر في (اللغة العربية والكردية والحساب والعلوم والرياضة والرسم).. تولت النصيرة (ام امجد) تعليم مادتي اللغة العربية والحساب والنصير شيروان اللغة الكردية وانا مواد العلوم والرياضة والرسم .
في البداية قطعت المدرسة شوطاً مشجعا في جذب هؤلاء الاطفال، إلا ان عناصر (حدك)، اعتبروا هذه المدرسة وسيلة لدس الافكار الشيوعية وسط الاطفال!، وقرروا سحب اطفالهم!.
واصلنا هذه المهمة، وكنا نشعر بحزن شديد، حينما نرى اطفال عناصر (حدك) وهم يتحرقون شوقا لمشاركة زملائهم في الالعاب الرياضية وغيرها من المواد ..ومنعاً للاحتكاك، قررنا نقل المدرسة الى داخل المقر.
عدد من هؤلاء الاطفال كانوا ضحايا حملة الانفال سيئة الصيت، استشهدوا ضمن مفرزة عقرة.
اطلقوا سراح صباح الخير !!
اصدر مكتب اعلام الفوج الاول نشرة (صباح الخير)، وكانت في البداية يومية، ثم أصبحت اسبوعية احتوت على الكثير من المواضيع الخفيفة والكاريكاتير و صدر منها 14 عدد، وكما هو معروف تُعلق هذه النشرة على اشجار الجوز العملاقة في وادي مراني/ الفوج الاول ..
ابدع النصير الفنان (أبو بسام) في رفد النشرة برسومات كاريكاتير اضفت على النشرة روح الفكاهة والطرافة في آن . في واحدة من الطرائف، رسم كاريكاتيرا يخصني، يتضمن قائمة طلبات قدمتها الى المسؤول الاداري وهو عبارة عن اربعة امتار من النايلون لارضية غرفتنا الجديدة!، فكان رد الاداري: (آسفين ماكو.. وكانت عبارة ماكو تخرج ايضا من اذنيه كما في الكاريكاتير)!، وخلف الاداري توجد غرفة الارزاق (المواد) والجرذان ترقص ببهجة فوق اكياس الجوز!. امر الاداري بمصادر النشرة فورا!، ثم تلاه اصدار عدد جديد يطالب باطلاق سراح العدد السابق!: (اطلقوا سراح صباح الخير).
عن النصير الشيوعي