في عام 1984 وعندما صار صعبا على رفاق الطريق (العاملين بين سوريا وكردستان) الدخول والخروج إلى الأراضي العراقية بسبب تشديد المراقبة العسكرية على الحدود، حيث خاض الأنصار عدة معارك أثناء عبورهم وأستشهد منهم رفاق أبطال، طلب مني الرفيق أبو داود سكرتير محلية نينوى آنذاك، إيجاد طريق اتصال بين قيادة الحزب في كردستان وسوريا. في بداية الأمر ذهبت إلى سوريا، وتحديدا إلى (قرية هول) حيث يوجد فيها عراقيون من سنجار، لكن زياراتي المتكررة هذه، أغاظت جماعة قيادة قطر العراق من البعثيين، لأنهم يعتبرون المجمع وساكنيه مغلقا لهم.
في القامشلي طلبت من الرفيق أبو محمود، تكليف رفيق لمرافقتي اثناء عبور الحدود ذهابا وأيابا، وكان في القامشلي آنذاك مجموعة من رفاق رائعين من خريجي الكلية العسكرية في اليمن الديمقراطية، فأقترح الرفيق أبو محمود ان يقوم بالعمل معي ونقل البريد إلى سنجار الرفيق كارزان، لكني أعترضت بسبب عدم اجادة الرفيق كارزان للهجة المنطقة حيث جبل سنجار يعج بالهاربين من جحيم الحرب. ثم سألني عن الرفيق سردار دهوكي، فقلت ونعم الاختيار، واقترح أن يرافقنا رفيق ثالث أو أكثر.
رافقنا في تلك المهمة الفقيد أبو فهد وأبو عليوي وحكمت لمرة واحدة، ولكن الرفيقين الفقيد سردار دهوكي وأبو نادية قامشلي عملا معي بشكل مستمر.
بعد ذلك وعندما استحال التواصل من خلال مفرزة الطريق تم التنسيق مع الرفيق أبو فاروق، الذي وبمقترح مني كلف الرفيق ناظم بمساعدتي في هذه المهمة، لأنني أعرف ناظم عندما كان في المتوسطة في سنجار وعملنا معاً في الأنصار والتنظيم، فكان خير عون لي هو وحصانه الذي كنا ننقل على ظهره بريد (م.س) من بيرموس أو المناطق القريبة منها إلى مراني. وبسبب هذه المهمة الحزبية التي تتطلب المزيد من السرية، أصبحت بين نارين، حيث طلب مني الرفاق ان احرص على عدم كشف طبيعة المهمة أمام قيادة محلية نينوى التي كان الرفيق أبو سالار سكرتيرا لها، وكذلك عدم كشفها للرفيق الفقيد أبو يوسف سكرتير لجنة إقليم كوردستان. وجرى الاتفاق على تسليم البريد القادم من سوريا إلى الرفيق جاسم (حيدر سليمان) من قرية خورزان، وهو من المؤنفلين مع عائلته، ثم بعد أيام يقوم هو بدوره بتسليمه لرفاق الفوج الأول على أساس إنه بريد حزبي من الداخل، ومن هناك يصل البريد إلى الرفيق أبو فاروق.
عند سفر الرفيق أبو داود سكرتير محلية نينوى إلى موسكو، إلتقينا بالرفاق الفقيد عزيز محمد وأبو نبيل وبحضور أبو محمود كونه مسؤول منظمة القامشلي. وكان التنسيق من خلال الرفيق أبو محمود، بشأن الوسيط الذي يجري تسليم البريد له في مقر مرانى.
بعد ذهاب الرفيق أبو فاروق في مهمة حزبية إلى الداخل، أرسل لي رسالة يطلب فيها مني تسليم البريد إلى الرفيق أبو يوسف. وعند عودتي من سنجار، واستلامي للرسالة، سلمت البريد للرفيق أبو يوسف، وكانت ضمن البريد رسالة من عائلة الرفيق ابو سالار مكتوبة قبل فترة قصيرة أعطاها الرفيق أبو يوسف له، فجاءني الرفيق أبو سالار وعاتبني بشأن عدم إخباره بمهمتي الحزبية، قائلا: لماذا لم تخبرني لكي أساعدك دون أن يحرجك رفاق محلية نينوى بأسئلتهم، فقلت له هذا كان قرار الرفاق في قيادة الحزب.
تواصل أداء المهمة لعدة سنوات، وكان كل الرفاق الذين عملت معهم بما فيهم مكتب القامشلي بمستوى عالٍ من الدقة والمسؤولية. واجهتنا بعض المصاعب في عملنا، خاصة كثافة الربايا والمراباة والكمائن التي كانت تعرقل عملية تنقلنا، ولكن بهمة الرفاق وشجاعتهم، وخاصة الرفيقين سردار دهوكي وأبو نادية قامشلي تجاوزنا الكثير من الصعوبات. ولابد لي ان أذكر، بأن الرفيق الفقيد أبو حربي وفي أحيان كثيرة يقوم بتوصيلنا الى الحدود واستقبالنا في الجانب السوري. أما في الداخل، فكانت مهمة إيصال البريد إلى مرانى تناط بالرفيق ناظم. فتحية لهم جميعا.