(6)

الخبرات تنتقل من جيل ثوري الى آخر عبر الممارسة في الميدان ومن خلال العمل في المفارز. وكانت هذه الميزة مشروطة باستعداد الاطراف لتمرير تلك الخبرات استجابة لمنطق التأريخ وصيرورة الحركة.

هنا واجهنا اشكاليات غير بسيطة تم حل بعضها من خلال الممارسة و الاستمرارية بالعمل. اما التي لم تحل فقد شكلت عقد سيئة كان آثارها على العمل غير قليلة وكانت عامل معرقل للتطور.

 واحدة من هذه الاشكاليات تتعلق بالكادر الفلاحي القديم وعدم استعداده للقبول بمنطق التطور ودور اجيال الشباب الجديدة، اي صعوبة قبوله حقيقة ان امكانياته  الشخصية والقيادية في الميدان لم تعد تلعب الدور المطلوب كالسابق و لهذا عليه بفسح المجال للقادة الشباب وتشجيعهم ورفدهم بخبراته ، وايضا الاستماع لهم على اقل تقدير ، لا الى التقليل من شأن ادوارهم.  

الاشكالية الثانية هي مسألة التدخل الحزبي والتنظيمي لفرض الارادات. هذه الاشكالية كانت هي الطامة الكبرى التي ابتليت بها الكثير من الوحدات الانصارية.

هناك وحدات عريقة بالعمل ذات منجز واداء مشهود له، تفرض عليه قيادات لا كفاءات لديها وليس لها اية خبرة في عمل المفارز، او خبرة في جغرافية المناطق، وحتى اللغة وصيغ الحديث مع الفلاحين والأهالي، ولا لا لشيء فقط لتأكيد( نحن نطبق قرار الجهات العليا ) . والنتيجة هي صحيح فرض الارادات الحزبية وتنصيب الشخصيات التي يريدوها، ولكن من الطرف الاخر تدمير الوحدات العسكرية من سرايا او فصائل او مفارز وزيادة الشهداء، بل تصفية المفارز احيانا آخر، وهنا تكمن الخسائر.

الاشكالية الثالثة وارتباطا بما مضى، جرى نقوص وارتداد عن الوضع التنظيمي لمنظمة الانصار وقيادتها المستقلة ، عبر المكتب العسكري والمرتبط بالمكتب السياسي للحزب ككل. وصار الآمر الى انهاء هذه الصيغة وتحويل وربط التشكيلات الانصارية ، باللجان المحلية الحزبية في المحافظات. اي ان قوات قاطع اربيل ترتبط بشكل مباشر باللجنة المحلية لمحافظة اربيل. حدث هذا في منتصف عام 1987 . أن خلفيات هذه القرارات التراجعية تكمن وتؤشر على عدة اسباب اولها  الصراع الداخلي في الحزب، خاصة على الصعيد القيادي وفرض الارادات الشخصية، وثانيا ارتباطا بالطموحات في تشكيل الحزب الشيوعي الكردستاني وقيادته لكل الانشطة هناك.

الاستغراب لذلك حصل ، لأنه و ببساطة لم تشكل لنا الصيغة التنظيمية الاولى في قيادة منظمة الانصار من قبل المكتب العسكري وارتباطه بالمكتب السياسي، اية عقبة او مشكلة عسكرية او سياسية تذكر، بما فيها قضية الصراع والاقتتال  الداخلي مع اوك.

ان التراجع الى هذا الشكل من التنظيم عاد بنا الى المساواة مع تنظيمات الاحزاب القومية وتحديدا البارتي(حدك). واسباغ الطابع المناطقي والعشائري على التنظيمات العسكرية. وبدل ان نتمسك بالتسميات العسكرية الحديثة من السرية الاولى- الفوج الاول مثلا، صار تغير اسماء السرايا الى سرية الشهيد فلان او فلان. مع كامل الاحترام والقدسية الى ارواح شهداءنا جميعا. وشخصيا واجهت الكثير من اسئلة الانصار المحيرة، لماذا تسمى سريتنا باسم هذا الشهيد او ذاك، هل لأنه قدم اكثر من الآخرين؟ هل لأنه متميز؟ وهل..,هل. والكثير من الاسئلة. خاصة وان جميع الشهداء متساويين ببذل بأعز ما ملكوه وهو ارواحهم.