في الذكرى التسعين لميلاد الصحافة الشيوعية في العراق، لابد من استذكار الرفيق والنصير المناضل عبد الحميد بخش، المعروف بـ"أبو زكي"، الذي يُعد  أحد الرموز البارزة في مسيرة الكفاح الوطني والطبقي في العراق، حيث إلتحق مبكرًا بصفوف الحزب الشيوعي العراقي في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وتولى مسؤولية سكرتير محلية البصرة في مطلع عامي 1952–1953، مجسدًا بذلك إيمانه العميق بقضية الشعب وحقوق الكادحين.

تميّز الرفيق أبو زكي بثقافته الواسعة، وحنكته السياسية والتنظيمية، كما عُرف بعلاقته الوطيدة مع الجماهير، لاسيما العمال الذين عاش بينهم ونشط في صفوفهم بفعالية وإخلاص. امتلك قدرة لافتة على الإقناع والتأثير، خاصة في تناوله للقضايا الفكرية والاجتماعية، حيث كان يُعبّر عن أفكاره بلغة بسيطة وعميقة، تربط بين النضال الوطني والطبقي بشكل مؤثر.

في عام 1970، إلتحق بقاعدة هندرين التابعة لفصائل الأنصار (برسرين) قرب قرية (كَلاله)، والتي شهدت انعقاد المؤتمر الوطني الثاني للحزب الشيوعي العراقي، وهناك تولى مهمة الطباخ في (فصيل حافيز)، مع بقائه ملتزمًا بمسؤولياته الحزبية، متحليًا بروح التفاني والقدرة على الصبر وتحمل الصعاب.

واصل عطائه النضالي، فالتحق عام 1985 بالحركة الأنصارية في منطقة بهدينان، حيث عمل إلى جانب المكتب السياسي للحزب، وأصبح عضوًا في الهيئة المسؤولة عن إعداد وتوزيع النشرة التوجيهية السرية للحزب (مناضل الحزب)، التي كانت تُرسل إلى مختلف التنظيمات الحزبية في العراق لتعزيز العمل الحزبي على أسس سليمة ومتينة.

لقد كان للرفيق أبو زكي إسهام علمي مميز، حيث نال شهادة الدكتوراه في المبادئ التنظيمية (بناء الحزب) من أكاديمية العلوم الاجتماعية في بلغاريا عام 1980. وقد تُرجمت أطروحته إلى اللغة العربية وطُبعت من قبل مؤسسة المدى، لتُشكل مرجعًا هامًا في العمل التنظيمي.

خلال تواجدنا معًا في فصيل (نيروة)، بعد الهجوم الكيمياوي على مقر (زيوة) في 5 حزيران 1987، كان الرفيق أبو زكي حاضرًا معنا ضمن مجموعة من الكوادر، يواصل العمل والمهام المناطة به، رغم تقدمه في السن، دون أن يتردد أو يتوانى، باستثناء الخروج في المفارز. كان مثالًا للخلق الرفيع، والبساطة، والتواضع، والرفيق الصادق الأمين على مبادئ حزبه.

إن الرفيق الراحل عبد الحميد بخش (أبو زكي) يستحق كل التقدير والاحترام لتاريخه النضالي الطويل، وإسهاماته التنظيمية والفكرية، ووفائه العميق لقضايا الحزب والشعب.

النصير الشيوعي العدد 37 السنة الرابعة آب 2025