يهفهف حين يمرق قبالتي سريعاً، التقط نبض قلبه، وأحاوره بصمت وأرقبه بعطف، ألحظه أغلب الوقت يقفز ببهجة.. ويرنو بإشراقة جميلة، وحين سرت النار اليوم بعد القصف، نطّ من مسكنه في جذع شجرة الجوز ليسكن الدهشة، تحت خيمة من رعب يتناسل، ليستحيل إلى ارتجافات لا حد لها.

النار قاسية تسري وهسيسها بإصرار يتسلق جذع الشجرة المنخور، فوق غصن أعلاها، تكور باستكانة، يرى إلى الأشجار، بعينين كستهما نظرة حائرة منكسرة، فارقها ألق أليف، لمن كان يراه كل يوم، ينطُّ بخفة، ويخطو برشاقة ساحرة.

نطَّ إلى غصن أعلى، يجرجر استنكاره وعجبه، المغلفين بوشاح اكتشاف هدهده،، فاتكأ مستسلماً يسربله البله، كلما أمعن النظر، في النار تنحني، أمام الأشجار الضخمة بهيبة زائفة، تزوغ لتحاصرها، لكنها تندحر بعيداً.

يجلله بؤس المخيلة، وهو يرى إليها، تتسلق كل شجرة، حفر فيها حجراته من قبل، وتتسلق مسكنه الآن، وقحة تمد له لسانها هازئة متوعدة!.

*القصة منشورة في جريدة (النصير) اواخر آب 1982

النصير الشيوعي العدد 40 السنة الرابعة تشرين الثاني 2025