جناران، القرية الجميلة الواقعة على سفح جبل كوسرت العظيم المطل على بحيرة دوكان الخالدة.. إلتحقنا.. الرفاق ابو سعيد وآزاد (قيصر) وانا بتاريخ آب عام 1982 مع الرفيق مام احمد برفقة الادلاء الرفيق نوزاد وصديق من اهل القرية، قادمين من (بيتوش) مقر الفوج التاسع الواقع في كردستان ايران.

بعد ان تم تنسيبنا الى سرية بتوين، والفوج بقيادة الرفيق نصر الدين هورامي ومستشاره السياسي  المدعو (ابو هيمن)، كان الرفيق ابو الفوز هناك مهمته ضابط الفوج.. استغرقت رحلتنا ثلاث ليالي  بثلاثة ايام.. وصلنا ليتم تشكيل قيادة جديدة للسرية.. الفقيد الرفيق  محمود حاجي آمر السرية، الرفيق الشهيد ملازم جمال نائب آمر السرية بعد ان كان مستشارا سياسيا ليحل محله الرفيق ابو سعيد كمستشار سياسي، الرفيق مام احمد اداري للسرية.

استقبلنا الرفاق  بالسرية ببرود وخاصة قيادتها.. لا ضرورة لذكر الاسباب، لكنهم سرعان ما تغير رأيهم بنا بعد ان ساهمنا بعمليات السرية، والتي كان اغلبها الدخول الى مدن رانية وجوار قرنة، اضافة الى نصب سيطرات طيارة بعد الساعة الرابعة على الشارع الذي يربط قضاء رانية بقضاء دوكان خلف كوسرت بالقرب من قرية خلكان.

مقر السرية، كان في قرية جناران العظيمة المحاطة ببساتين التين والرمان، واشجار الجنار العملاقة، والمعروفة بعين مائها الكبيرة العذبة الباردة.. عشنا بها اجمل ايام العمر، وتعمقت علاقاتنا مع رفاقنا الاكراد فاصبحوا من اقرب الاصدقاء الى يومنا هذا.. الرفيق العزيز عارف، والرفيق العزيز حمة بجكول، واخرون كثر اتذكرهم دائما بالاسم، ومنهم الشهداء: صديقي الشهيد محمد ملة كمال، والشهيد فرهاد.. كما تعرفنا على اهل القرى المحيطة: القة .. هنجيرة .. والعاصمة الثانية للسرية (ميوزة) حيث  يعيش رفاقنا حمد مام عوللة (محمد عبد الله)، والرفيق الفقيد مام رسول، والرفيق شيخ اسماعيل، والرفيق ابراهيم، وبقية ابناء القرية.. احبنا الناس واحترموا وجودنا، ونحن بالمقابل احببناهم.. كنا نركب الزوارق (بلم، المزودة بالماتور) قاصدين رانية او جوار قرنة لنقوم ببعض العمليات.. وكان لعملياتنا صدى كبيرا في المنطقة.

توسعت السرية، ونقل اليها الكثير من الرفاق العرب، منهم ابو يارة، ابو محمود روست، ابو زويا، اشتي، ام نصار وابو نصار، وعاش معنا الرفيقان ابو ليث وام ليث لاشهر، وكذلك الرفيقة الدكتورة ساهرة والرفيق ابو ديمة  لفترة، وانسحبوا معنا الى باليسان، وكان وجود الدكتورة ساهرة مناسبا في ذلك الوقت، فقد عالجت جرح الرفيق الشهيد حجي بختيار بالاحداث التي قتل بها شمال وسرباس.. انتقل اليها الرفيق مظلوم من سرية كرميان، ثم اصبحت بعد ذلك مقرا لفوج 31 اذار بقيادة الرفيق الفقيد احمد الجبوري (ابو وليد) والمستشار السياسي الرفيق (ابو ربيع) والشهيد مام كاويس معاون امر الفوج والاداري الرفيق الفقيد كاظم عبود (ابو وصال).. هناك التحق بنا الرفيق الشهيد ئوميد.. تزوج بالقرية ليلة 31 اذار 1983، وكذلك الرفيق ابو حازم والرفيقة شيرين بعد ان التحقت العائلة بنا  وسكنت مع الوالدة الفقيدة ام قيس بمدرسة القرية المهجورة.. اصبح  سركوت (نصيرا) بيشمركة هو الاخر.. كانت ام قيس اما لنا جميعا. ولا ننسى ليلة راس السنة 1983.. سهرنا في بيت العائلة وتقاسمنا بطل العرق نحن الاكثر من  15 رفيق بالتساوي، وسكرنا..! ساعدنا الرفاق الاكراد كثيرا، وقدموا لنا ما كانوا يستطيعون عليه.. لا انسى ذلك ابدا.. كانوا لنا اهل واقارب.. لا انسى ابدا يوم قدم الى القرية بيشمركة اليكتي  قاطع كرميان بقيادة  شمال وسرباس لفتح مقر لهم بالقرية وما جرى من حديث معهم. بعدها صار لهم مقر بالقرية  فعلا جعل بعض العوائل من اهل القرية الموالين لهم يتطاولون على رفاقنا، وحدثت مشكلة مع رفيق من سرية كرميان..

سرية كرميان اشوان بقيادة الرفيق الشهيد علي حاجي تاتي الى جناران للراحة بين فترة واخرى.. كنت هناك ليلة مقتل شمال وسرباس على الشارع العام بين رانية ودوكان من قبل بيشمركة الاشتراكي  جماعة رسول مامند، بعد ان انسحبوا من معارك كانت مع الجيش وحلفائه في جبل اسوس المقابل بالطرف الاخر من بحيرة دوكان . انسحبوا الى كوسرت.. طلبوا المساعدة وهم الحلفاء بادلاء للوصول الى قيادتهم في بشتاشان. كان هناك الرفيق الشهيد محمد الحلاق اثناء مقتل شمال وسرباس، وبعض من رفاق الكوي ورفاق من كرميان وبتوين. لهذا السبب اتهم الشهيد محمد الحلاق بمقتلهم يومها، ولم ينسوا ذلك ابدا.. كنا هناك اثناء الاحداث واتذكر جيدا حالة الانذار التي كنا نعيشها والكمائن والاستطلاعات تحت المطر بالليل والنهار.. واخيرا مرورهم وهم  تحت مرمى  نيران بنادقنا. عبروا البحيرة والتحقوا ببشتاشان ليقوموا بجريمتهم النكراء ..!.

ثم انسحابنا من جناران الى الابد، يوم اطلقت لحيتي للمرة الاخيرة ولازالت.. فقد قررت يومها ان لا احلق لحيتي الا في جناران عندما نعود.. ولم نعد..

بعد بشتاشان الثانية انتقلنا نحن من تبقى من الرفاق من السرية وهي بمقرها الجديد قرية الواتان في ايران.. الرفاق: ابو سعيد، الشهيد الدكتور ابو ظفر، مظلوم،  ابو زويا،  اشتي،  وانا.....